ثلاثة عشر عاماً من العمل الدؤوب، والمواقف الثابتة، والمساعيالنضالية، خطّها الاتحاد الحر لنقابات عمال البحرين، ليكون اليوم أحد أعمدة الحركةالنقابية في المملكة، وصوتًا حرًا يعبر عن هموم العمال وتطلعاتهم، في كل قطاعوموقع، وفي كل مرحلة ومنعطف.
لقد تأسس الاتحاد الحُر في بيئة وطنية تطلبت وجود كيان نقابيمستقل يعبر عن تطلعات شريحة كبيرة من العمال، ويُرسّخ مبدأ التعددية النقابيةكخيار ديمقراطي يعكس التنوع داخل المجتمع العمالي البحريني، ويعزز من الحقوقالنقابية الدستورية التي كفلها ميثاق العمل الوطني والدستور البحريني.
منذ لحظة تأسيسه، لم يكن الاتحاد الحُر مجرد واجهة نقابية، بلكان لاعباً محورياً في المشهد العمالي، يحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن مصالحالعمال، ويقف إلى جانبهم في مواقع العمل، في اللجان، وفي الحوار الاجتماعي، وعندكل مفترق حاسم يمس قوتهم وحقوقهم وأمانهم الوظيفي.
وفي كل محطة، أثبت الاتحاد الحُر أنه قادر على أن يكون صوتاًقوياً في مواجهة التحديات، بدءاً من الدفاع عن الأجور والوظائف، مروراً بالمواقفالشجاعة من قضايا الفصل التعسفي وتهميش العمال البحرينيين، ووصولاً إلى خوض معاركتحسين ظروف العمل وتثبيت العمالة الوطنية ورفض أي تشريعات تنتقص من الحقوقالنقابية.
وقد سجّل الاتحاد الحُر خلال هذه السنوات مواقف لا تُنسى، سواءفي دعم العمال المفصولين، أو في الدفاع عن الحقوق التقاعدية، أو في المشاركةالفعالة في اللجان الثلاثية والهيئات الرسمية، مؤكداً أنه ليس تابعاً لأي جهة، بليمثل بكل استقلالية عمال البحرين ويدافع عنهم دون تردد أو حسابات ضيقة.
لم يكتفِ الاتحاد الحُر بالبقاء ضمن إطار المركزية النقابية، بلسعى إلى بناء هيكل نقابي متماسك يمتد في مختلف قطاعات العمل والإنتاج، من النفطوالغاز، إلى المصارف، والطيران، والتعليم، والصحة، والقطاع الحكومي، ليشكل بذلكمظلة حقيقية تضم تحتها عشرات النقابات الفاعلة.
كما أولى الاتحاد أهمية خاصة لبناء قدرات النقابيين، من خلالالبرامج التدريبية والتأهيلية، وفتح المجال أمام الكفاءات الشبابية والنسائيةلتتبوأ مواقع القيادة النقابية، إيماناً منه بأن مستقبل العمل النقابي يبدأ اليوم،ولا بد أن يُبنى على أسس علمية وتنظيمية متينة.
على الصعيد الخارجي، نجح الاتحاد الحُر في تعزيز حضوره الإقليميوالدولي، من خلال شراكاته الاستراتيجية مع الاتحادات العربية والدولية، والمشاركةفي المؤتمرات والفعاليات العمالية في مختلف المحافل. وكانت مشاركته في مؤتمراتمنظمة العمل الدولية، ومجالس اتحادات العمال العرب والخليجيين، شهادة على مكانتهوقدرته على إيصال صوت العامل البحريني إلى خارج الحدود.
كما أسهم الاتحاد الحُر في الدفاع عن قضايا الأمة العربية فيالساحات النقابية، وعلى رأسها قضية فلسطين، وكان حاضرًا بمواقفه وتضامنه في كلاعتداء على عمال غزة والضفة الغربية، ليبرهن أن النقابة ليست فقط دفاعًا عن معاش،بل عن كرامة وطنية وإنسانية.
وما يميّز تجربة الاتحاد الحُر خلال 13 عاماً من العطاء، هوتمسّكه الكامل باستقلاليته النقابية، ورفضه القاطع لأي وصاية سياسية أو حزبية أوتنظيمية. فقد اختار طريق العمل النقابي الحُر، النابع من قناعات أعضائه وقواعدهالعمالية، وليس المفروض من فوق أو الخارج.
لقد أثبت أن التعددية لا تعني التنازع، بل تعني التنوعالإيجابي، وأن الولاء الحقيقي هو للوطن والعامل، وليس لأي جهة أو مشروع إيديولوجي.
بين الأمس واليوم، قطع الاتحاد الحُر طريقاً طويلاً من التحدياتوالإنجازات، لكنه يدرك أن المستقبل يحمل متغيرات كثيرة، من الذكاء الاصطناعي إلىالاقتصاد الرقمي، ومن التحولات التشريعية إلى تحديات الخصخصة والبطالة.
ومن هذا المنطلق، يستعد الاتحاد الحُر للمرحلة القادمة برؤيةطموحة، ترتكز على التوسع في التمثيل، وتحديث أدوات العمل النقابي، وتعزيز الشراكةالمجتمعية، وترسيخ دوره كفاعل رئيسي في الحوار الاجتماعي وصياغة السياسات الوطنية.
واليوم، ونحن على أعتاب الذكرى الثالثة عشرة لتأسيس الاتحاد الحُرلنقابات عمال البحرين، تزداد المسؤولية وتتجدد العزيمة. فما بين تحديات الداخل،ومتغيرات الإقليم، والتحولات الرقمية المتسارعة، يدرك الاتحاد أن مسيرة النضالالعمالي لا تعرف التوقف، بل تتطلب استعداداً دائماً للتطوير، واستشرافاً واعياًلمستقبل العمل، وتمسكاً راسخاً بالمبادئ التي انطلق منها.
إن الذكرى القادمة لا تمثل فقط محطة احتفالية، بل هي وقفة تأملوتقييم وتجديد للعهد مع العمال، بأن يبقى الاتحاد صوتهم المسموع، وسندهم في كلميدان، ودرعهم في مواجهة أي انتقاص من حقوقهم أو كرامتهم.
وبينما يستعد الاتحاد الحُر لدخول عامه الثالث عشر، فإنه يؤكدمضيه في تعزيز ثقافة العمل النقابي الحُر، وتوسيع قاعدة التمثيل، وبناء جسورالشراكة مع المؤسسات الوطنية، تأكيداً على دوره كشريك فاعل في مسيرة التنميةالوطنية.
ثلاثة عشر عاماً من العطاء ... كانت كفيلة بأن تُثبت أن الاتحادالحُر لنقابات عمال البحرين لم يكن طارئاً على الساحة النقابية، بل حاجة وطنيةوحقوقية وإنسانية.
وإذا كان الماضي شاهداً على الصمود والإنجاز، فإن الحاضروالمستقبل يحملان مسؤولية أكبر ومساحة أوسع لمزيد من النضال، من أجل عمال البحرين،ومن أجل وطن يحتضن الجميع بالعدالة والكرامة.