أكثــر مــن 15 مليــون عامــل أجنبــي في الخليـــج
عمال البحرين الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠١٤

أكثــر مــن 15 مليــون عامــل أجنبــي في الخليـــج

 

أكثــر مــن 15 مليــون عامــل أجنبــي في الخليـــج

 

كشف الرئيس التنفيذي لمجلس وزراء العمل الخليجي عقيل الجاسم أن أسواق العمل بدول مجلس التعاون مجتمعة توفر أكثر من مليون وظيفة في العام الواحد، مشيراً إلى أن الجزء الأكبر من تلك الوظائف تذهب للعمالة الوافدة.

 

وقال في حوار مع «الأيام» إن إجمالي العمالة الوافدة في الخليج يصل لأكثر من 15 مليون عامل وافد.
وأكد الجاسم أن دول التعاون تعمل على طرح برامج وخطط تستهدف التقليل من حجم العمالة الوافدة لديها، وخصوصاً في المستويات المهنية التي تتوافر فيها قوى عاملة خليجية.

وأوضح أن هناك فريقاً برئاسة وزير العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة معني بوضع سياسة استرشادية لتنظيم سياسات الاستقدام في دول المجلس، وقد أنجز الفريق بصورة مبدئية وثيقة سياسة في هذا الشأن من المقرر أن تعرض على أعمال المجلس الوزاري في نوفمبر المقبل في دولة الكويت.
] ما أبرز التحديات التي تحد من تطور سوق العمل الخليجي بما يلبي طموحات قادة وشعوب دول الخليج؟

أسواق العمل في دول مجلس التعاون بشكل عام متطورة من حيث قدرتها على توفير الوظائف، إذ تشير بعض التقديرات أن أسواق العمل الخليجية مجتمعة توفر ما يفوق المليون وظيفة في العام، ويعمل في منطقة الخليج ما يفوق الـ15 مليون عامل وافد. هذا بشكل عام. ولكن بعد الدخول في التفاصيل، تكشف لنا الدراسات والتقارير أن الجزء الأكبر من تلك الوظائف يذهب للعمالة الوافدة، لأسباب عديدة، أولها أن الوظائف التي ينتجها سوق العمل، في الغالب تتطلب مهارة محدودة وأجورها متدنية، إضافة إلى العزوف الحاصل لدى الشباب من التوجه لبعض أنواع الوظائف والمهن اليدوية التي أصبحت غير مرغوبة من القطاعات الشبابية، إما بسبب تدني الأجور فيها أو كون المستوى التعليمي الذي وصل إليه الشباب في المنطقة، لا يتناسب وطبيعة تلك الوظائف.

هذا الأمر دعا وزارات العمل في المنطقة إلى وضع مسألة توطين الوظائف على سلم أولوياتها، وأطلقت من أجلها العديد من المبادرات الهادفة إلى زيادة نسبة مساهمة العمالة المواطنة في سوق العمل، وبالتحديد في القطاع الخاص، وذلك بعد ان اعتمدت دولنا بعد مرحلة الاستقلال في الستينيات والسبعينيات على المواطنين في القطاع الحكومي بسبب بدء إنشاء مؤسسات الدولة، وأصبحت المؤسسات الحكومية غير قادرة على استقبال المزيد من الموظفين.

ويمكن في هذا المجال أن نورد العديد من الأمثلة على تلك الخطوات الايجابية، على سبيل المثال المبادرة التي اتخذتها دولة الكويت منذ سنوات حينما أنشأت برنامج هيكلة القوى العاملة والبرنامج التنفيذي للحكومة، وكذلك الخطوات التي قامت بها مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وغيرها من المبادرات في دول المجلس التي تهدف إلى تمكين الشباب اقتصادياً وبالتالي الحد قدر الإمكان من العمالة الوافدة.

] ما المعوقات التي تحول دون توطين الوظائف أو خلجنتها؟

إن منظومة دول مجلس التعاون مبنية على التعاون وليس على الوحدة كما هو حاصل في الاتحاد الأوروبي، نعم هناك جهود من أجل توحيد التشريعات والممارسات على مستوى دول المجلس في شتى القطاعات، ولكن لازالت قضية التوحيد التام بحاجة إلى المزيد من الوقت. وبالتالي لا يمكن وضع سياق توطين الوظائف في السياق الخليجي، بل يجب التركيز على المستوى الوطني من جهة، وبحث سبل التكامل على المستوى الخليجي من جهة أخرى.
وبهذه المناسبة، فإن المكتب التنفيذي يثمن عالياً الجهود الجبارة والمبادرة القيمة التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، حول الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة جديدة وجريئة وهي مرحلة الوحدة بين دول المجلس.

دعني أوضح قليلاً في هذه النقطة، لكل دولة خليجية استراتيجياتها ورؤيتها الوطنية الهادفة إلى توسيع مساحة مشاركة المواطنين في القوى العاملة، وبالتالي قد تتقاطع تلك المبادرات ولكن ليس بالضرورة تكون تلك المبادرات متكاملة، لاسيما وأن القطاع الخاص يبحث بالدرجة الأولى عن الكفاءات والخبرات بأقل كلفة ممكنة.

أضف إلى ذلك، أن مخرجات التعليم التي لا تتناسب ومتطلبات سوق العمل، حسب ما يكرر دائماً أصحاب العمل، وهو أمر يستدعي الدراسة والتحليل المعمق من قبل صناع القرار في دول المجلس لبحث سبل تطوير مخرجات التعليم وإطلاق مبادرات في مجال التعليم المهني والتقني.
أما فيما يتعلق بزيادة العمالة الأجنبية، فهذا الأمر يُرد إلى أن الجزء الأكبر من الوظائف التي يوفرها سوق العمل هي في قطاع الإنشاءات، وهو كما ذكرت سابقاً، قطاع غير مستقطب للعمالة الوطنية.

ولكن رغم كل ذلك، فإن دول المجلس بذلت جهوداً في تحقيق المواطنة الخليجية تنفيذاً لقرارات المجلس الأعلى لمجلس التعاون، حيث أصدرت العديد من دول المجلس، ومن ضمنها مملكة البحرين، تشريعات تساوي فيها العامل الخليجي بالعامل المواطن في أغلب الامتيازات، والأمر ذاته ينطبق على تنقل رؤوس الأموال، إذ نرى بشكل جلي حجم الاستثمار البيني في دول المجلس.

مع كل ما سبق قوله، فإنني لا أعتقد بأن القطاع الخاص في دول مجلس التعاون لا يملك ذلك الحس الوطني الذي يستطيع من خلاله الموازنة بين مصالحه التجارية والمصالح الوطنية، والمواءمة بين متطلبات المنافسة في السوق وبين تحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي لبلداننا.

] ما توجه مجلس وزراء العمل في دول مجلس التعاون نحو العمالة الوافدة التي يمكن استبدالها، وهل من مشاريع على مستوى دول المجلس للحد أو تقليص حجم الاستقدام، وهل تشكل العمالة الوافدة غير الماهرة هاجساً للمجتمع؟

لا يمكن بأي حال من الأحوال إصدار قرار فوري بوقف استقدام العمالة الوافدة، ولكن هناك برامج وخططاً تستهدف التقليل من حجمها، وخصوصاً في المستويات المهنية التي تتوافر فيها قوى عاملة خليجية، على المستويين الوطني والخليجي.

وعلى مستوى مجلس وزراء العمل، هناك فريق برئاسة وزير العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة معني بوضع سياسة استرشادية لتنظيم سياسات الاستقدام في دول المجلس، وقد انجز الفريق بصورة مبدئية وثيقة سياسية في هذا الشأن من المقرر أن تعرض على أعمال المجلس الوزاري في نوفمبر المقبل في دولة الكويت.

ويتسق هذا الجهد الخليجي مع الجهود الوطنية لكل دولة من دول المجلس، والتي شرعت في تطبيق مشاريع وبرامج تهدف إلى تقليل الاعتماد على اليد العاملة الوافدة والسعي نحو تمكين المواطنين من العمل في القطاعات التي يمكن استقطابهم فيها سواء من خلال الدعم المالي الذي غالباً يكون على شكل تعويض عن فارق الأجور، أو الدعم الفني المتمثل في التدريب وبناء القدرات وتطويرها.

] دول مجلس التعاون تتباحث فكرة إيجاد عقد نموذجي لاستقدام عمال المنازل، فإلى أين وصلت هذه الفكرة وما مميزات العقد؟
موضوع العمالة المنزلية معقد وشائك إلى حد ما، فالمسألة ليست منحصرة في عقد العمل، فهناك التزامات متقابلة تقع على طرفي علاقة العمل، رب العمل والعامل المنزلي، وبالتالي هناك جهود على مستوى المجلس في تنظيم هذا القطاع بشكل عام، سواء من خلال عقد استرشادي أو من خلال تنظيم عمل مكاتب الاستقدام، ولكن ما يجب التأكيد عليه هنا بأن هناك التزامات تقع أيضاً على دول إرسال العمالة التي يجب عليها أن تقوم بدورها في توفير الحماية لعمالها قبل خروجهم من دولهم، من خلال ضبط مكاتب توظيف العمال المنزليين في تلك الدول.

من وجهة نظرنا، نرى بأن هناك مسؤولية كبرى ملقاة على عاتق الدول المرسلة من حيث تثقيف وتدريب تلك العمالة، وهناك ملاحظات عديدة لدى الدول المستقبلة للعمالة على نوعية العمالة التي تدخل دولنا، وقد سبق وأن تم شرح واستعراض وجهة النظر هذه إلى الدول المرسلة للعمالة أثناء المؤتمرات واللقاءات التي عقدت معهم.

إن دول المجلس مجتمعة أصدرت وستصدر تشريعات توسع نطاق الحماية لهذه الفئة من العمال، فعلى سبيل المثال شملت مملكة البحرين العمالة المنزلية بجزء كبير من أحكام قانون العمل، كما أصدرت المملكة العربية السعودية لائحة خاصة بالعمال المنزليين، فيما مازالت تدرس دول المجلس الأخرى مشاريع قوانين تستهدف تنظيم علاقات عمل العمال المنزليين. وبناءً على ذلك، قد يكون من الصعوبة وضع عقد موحد لجميع الدول نظراً لتفاوت التشريعات، وعلى هذا الأساس فإن المشروع المعروض على المجلس في دورته المقبلة هو مشروع عقد استرشادي، يأخذ في الاعتبار مرئيات ومقترحات كافة الدول الأعضاء وأيضاً يتماشى مع المعايير الدولية وبما لا يتعارض ومبدأ سيادة كل دولة من دول المجلس.

من جهة أخرى، هناك فريق مشترك بين دول المجلس، يترأسه وزير العمل والشؤون الاجتماعية في دولة قطر، يعكف على بحث موضوع العمالة المنزلية من كافة الجوانب، وقد عقد هذا الفريق لغاية الان اجتماعين ستعرض نتائجه على أعمال الدورة (31) لمجلس وزراء العمل المقرر عقدها في نوفمبر المقبل في دولة الكويت، حيث نعوّل كثيراً على عمل هذا الفريق الذي سيخرج بنتائج ومشاريع تسهم في زيادة تنظيم العلاقة بين أرباب المنازل والعمال المنزليين، لما فيه مصلحة الطرفين.

إن كل ما ورد ذكره سابقاً، لا يعني بأننا نقلل من الدور الذي لعبته العمالة الوافدة في عملية التنمية في دولنا، على العكس تماماً، فالمكتب التنفيذي يثمن علياً الجهد الإنساني الذي قام ويقوم به العامل الوافد في دول الخليج، والذي ساهم بشكل فاعل في النهضة العمرانية التي شهدتها جميع دول المجلس، وهذا يعبر بشكل جليّ على التعاون الدولي المنشود.

ولكن تبقى هنا عدة أسئلة تفرض نفسها على مجتمعنا الخليجي، خصوصاً في هذه المرحلة المليئة بالأحداث والمفاجآت منها سياسية واقتصادية وكذلك اجتماعية، وهي حجم استعدادنا لمواجهة المتغيرات المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية، وما هي خططنا لمواجهة الأعداد المتزايدة من خريجي الجامعات والكليات التقنية وغيرها من مؤسسات التعليم العالي، الأمر الذي يتطلب العمل بشكل سريع وجماعي بين كل الجهات الرسمية والأهلية المعنية لوضع سياسات وخطط تحصن مجتمعاتنا اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

] كثرت الأنباء عن دراسة حول فتح المجال أمام العمالة الوافدة للتنقل بين دول المجلس، فما صحة هذه الأنباء؟
إن هذه الأنباء غير صحيحة جملةً وتفصيلاً، وقد سبق لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في دولة الكويت، التي نقلت إحدى الصحف الخبر على لسانها، وقد نفت هذا الموضوع.

ما هو مطروح على أجندة مجلس وزراء العمل هو دراسة تنقل العمالة على المستوى الوطني بين صاحب عمل وآخر، والهدف من هذه الدراسة هو منح العامل الوافد حرية الانتقال من عمل إلى آخر وفقاً لبعض الشروط في الإطار الوطني، إضافة إلى تقليل نسبة استقدام العمالة الوافدة، والعمل على توظيف العمال المتواجدين في سوق العمل.

ولقد سبق لدولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين أن أقرت نظماً وتشريعات تسمح للعامل الوافد بالانتقال من صاحب عمل إلى آخر، وتم تنظيم عملية الانتقال من خلال إجراءات محددة توازن بين التزامات العامل وحقه في الانتقال وبين حقوق والتزامات صاحب العمل.
] ما أبرز الملفات في المجال العمالي التي ستعرض على الكويت في الدورة المقبلة؟

إن الاجتماعات الوزارية السنوية فرصة لوزراء العمل في دول المجلس لتباحث أبرز التحديات التي تواجه أسواق العمل في دول المجلس، وكيف يمكن وضع سياسات وحلول لتلك التحديات بشكل جماعي. وتحقيقاً لهذه الغاية، فإن الموضوعات التي يناقشها المجلس بعضها متكرر، متعلق بالإجراءات الإدارية والمالية للأمانة الفنية للمجلس، ممثلة في المكتب التنفيذي، والبعض الآخر فني ذو علاقة بالتحديات التي تواجه سوق العمل كما أشرت.

إن أبرز الموضوعات التي من المقرر أن يناقشها المجلس في دورته المقبلة، دراسة حول انتقال العمالة الوافدة على المستوى الوطني، وأخرى حول جهود دول المجلس في مكافحة العمل الجبري والاتجار بالبشر، وأخيراً بحث ومناقشة إشكاليات توظيف الشباب في القطاع الخاص، وهذا البند ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول يناقش موضوع مبادرات دول المجلس في زيادة نسب توظيف المرأة، والثاني يبحث في برامج وخطط التدريب في دول المجلس وكيفية تطويرها، والثالث تقرير يناقش بشكل عام إشكاليات توظيف الشباب في القطاع الخاص. هذا بالإضافة إلى البنود المتكررة على جدول الأعمال المتعلقة بالتنسيق بين الدول الاعضاء في المؤتمرات والاجتماعات ذات البعد العمالي التي تعقد على المستوى العربي والدولي.
http://www.alayam.com/News/alayam/First/270321