صحوة جديدة.. من أجل المتقاعدين
صحوة جديدة.. من أجل المتقاعدين
لطفي نصر
يبدو أنه ستكون لمجلس النواب وقفة شرسة من أجل المتقاعدين في المرحلة المقبلة.. وستكون هذه الوقفة – كما ظهر من خلال لقاء رئيس المجلس أحمد الملا مع مجلس إدارة جمعية الحكمة للمتقاعدين – أول وقفة عادلة ومنصفة لنواب الشعب، لأنها ستكون من أجل مصلحة فئة من فئات الشعب، هي الأولى والأشد حاجة إلى مثل هذه الوقفات.. ولا يجوز بأي حال من الأحوال تركها على حالتها الراهنة.
فوق ذلك فإن هذه الوقفة ترتكز على سندين في منتهى القوة تقدمت بهما الحكومة نفسها: السند الأول مقتضاه: أن مبدأ إنصاف المتقاعدين قد تضمنه بصريح العبارة برنامج عمل الحكومة.. وهو البرنامج الذي أقره مجلس النواب.. وأصبح المجلس بهذه الموافقة ضامنا لتنفيذه، فليست الحكومة هي الضامنة أو الملتزمة وحدها أمام الشعب من أجل تنفيذه.
السند الثاني: تأكيد جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء أنه لا مساس بالمكتسبات التي تحققت للمواطنين، بل إنه سيتم الإضافة عليها.. وقد تكرر إعلان ذلك.
لذلك فإن الشراسة التي أشرت إليها ستحدث بالضرورة عند نظر مشروع الميزانية العامة للدولة في القريب العاجل بإذن الله.
وقد أشار رئيس مجلس النواب – جزاه الله خيرا – خلال اللقاء مع جمعية الحكمة للمتقاعدين إلى أنه قد حثّ لجنة الخدمات بالمجلس على التواصل مع فئة المتقاعدين وبحث قضاياهم واحتياجاتهم.. كما أشار أيضا إلى أنه يجري الآن الإعداد لعقد منتدى نيابي للمتقاعدين، وهو منتدى جديد من نوعه، والذي سيضمن الوقوف على حقيقة أوضاع المتقاعدين، وتحديد احتياجاتهم ومطالبهم ومقترحاتهم، ومقترحات الداعمين والمنتصرين لهم والواقفين بصلابة مع قضيتهم.
معنى ذلك أن الأيام القليلة القادمة ستشهد نوعاً من حشد الجهود من أجل المتقاعدين، وجمع الاقتراحات والآراء الهادفة إلى إنصافهم وبلورتها، ثم رفعها إلى الحكومة.. وفي الوقت نفسه وضعها تحت نظر الجميع أثناء مناقشة بنود الميزانية العامة للدولة.
مجمل القول إن المتقاعدين هم الأولى من غيرهم بنظر أوضاعهم والمسارعة نحو إنصافهم.. ويكفي أن نقول إن الحد الأدنى لمعاش المتقاعد هو (200) دينار.. وأحيانا يقل الحد الأدنى لمعاش المتقاعدين عن هذا الرقم.. وخاصة بين المتقاعدين من العاملين السابقين في القطاع الخاص الذين تقل أجورهم عن هذا المبلغ، حيث لا يجوز أن يحصل المواطن على معاش تقاعدي أكبر من الراتب الذي كان يحصل عليه.. وهذه ثغرة جاء بها القانون المستعصي على التعديل حتى الآن.. كما أن الإعانات أو علاوة الغلاء التي يحصل عليها المتقاعد أثبتت الأيام والمستجدات أنها مصدر تهديد لمعيشة المتقاعد، أي أنها عرضة للتعديل أو الإلغاء بجرة قلم في أي وقت!
أيضا تقول الإحصائيات التي طرحها النائب محمد الأحمد على مجلس النواب منذ أيام أن 33% من المتقاعدين العاملين السابقين في الحكومة يتقاضون معاشات تقاعدية تتراوح بين 200 و400 دينار، وأن 50% من المتقاعدين العاملين السابقين في القطاع الخاص تتراوح معاشاتهم التقاعدية بين 200 و400 دينار.. وأحيانا أقل من 200 دينار بسبب ما أشرنا إليه في السطور السابقة.
حتى مجرد الوعود التي وُعِد بها المتقاعدون من قبل لم يتحقق منها شيئا.. فقد تأكد أن هذه الوعود هي والسراب سواء، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر «بطاقة المسنين» التي قيل إنهم سيحصلون بمقتضاها على مزايا وتخفيضات.. فهذه البطاقة الموعودة كلما قاربت الوزيرة المختصة من آخر مراحل إصدارها «شالوها وجابوا غيرها» لتعيد الوزيرة الجديدة بحث القضية من جديد.. والآن يتعشم الجميع خيراً مع هذه الصحوة الجديدة التي يرفع رايتها هذه الأيام رئيس مجلس النواب المستشار أحمد الملا، والله معهم ومع جميع نواب الشعب جنود هذه الصحوة المباركة.
}}}
بعد أيام.. سوف تحتفل مملكة البحرين مع كل دول العالم بعيد العمال (أول مايو).. وقد كان الاحتفال في الماضي بهذه المناسبة في صبيحة يوم (1) مايو يتم تحت الرعاية الكريمة لجلالة الملك.. ويكون هذا الاحتفال حاشداً وشاملاً تحتفل به البحرين كلها.. حيث كان يشارك فيه جميع عمال البحرين عن بكرة أبيهم ومنظمات وشركات القطاع الخاص جميعها.
أما الآن فقد تغيرت الأوضاع.. صحيح أن مبدأ التعددية في التشكيلات العمالية والنقابية هو مبدأ ديمقراطي ومعمول به في معظم دول العالم.. سيرا في طريق التخصص والتنوع، وإثراء الحركة العمالية.. لكن هذا التنوع.. وهذه التعددية.. ووجود أكثر من اتحاد للنقابات العمالية على أرض البحرين لا تمنع من أن يكون الاحتفال بهذه المناسبة احتفالا واحدا موحدا تشارك فيه جميع الاتحادات وتحت رعاية العاهل المفدى، كما كان يحدث في الماضي.
يرى الكثيرون أن استمرار الاحتفال بالكيفية التي سار عليها في السنوات القليلة الماضية هو تكريس لمبدأ الفرقة والتباعد بين الحركة العمالية على أرض المملكة، فوق أنه يعد إساءة بالغة للوحدة الوطنية التي يعمل من أجلها ويحرص عليها الغيورون على مصلحة الوطن.
وزير العمل – كما قال من قبل- حاول استعادة التقارب بين الجسم العمالي الواحد – المتفرق حاليا – ولكنه لم يلق التجاوب المأمول من القائمين على هذه الاتحادات.
نحن لا نوافق على أن يرضى وزير العمل بهذه النتيجة ويستسلم لها.. ونأمل منه إعادة المحاولات والجهود، وهو الذي عهدناه وزيرا دبلوماسيا، تلقى محاولاته الصدى والتجاوب لدى الكثيرين.. ولكن محاولته في هذه المرة من خلال دعوة الاتحادين العام والوطني الحر إلى حفل واحد موحد هذه السنة بمناسبة عيد العمال تتسم بالضرورة القصوى.
على الوزير أن يحاول.. وإذا لم يوفق، عليه أن يضع الرأي العام أمام نتائج محاولته، ومن أي جانب جاء الرفض والتعويق أو النفور ليصبح الجميع شاهداً على ما يجري، ويُعرف من يسعى إلى تفتيت الوحدة الوطنية من دون غيره.
هذه ناحية.. أما الناحية الأخرى.. فقد تابعت رسالة أو مناشدة السيد يعقوب يوسف محمد رئيس الاتحاد الوطني الحر إلى صاحب السمو رئيس الوزراء بالتدخل لدى وزارة العمل بإعمال أو اعتماد مبدأ التناوب في تمثيل العمال لدى المنظمات والمؤتمرات العالمية المتخصصة التي تجرى أو تعقد في الخارج.. وهذا هو المعمول به لدى جميع دول العالم تقريبا.. فليس هناك مبرر واحد مقبول للإبقاء على هذه الأثرة التي يصر عليها الاتحاد العام لعمال البحرين.. كما أن هذه الأثرة وهذا الإصرار لا يعتد به ولا قيمة له مادام القرار بيد وزارة العمل.
ثم.. ماذا جرى؟.. ألم يعلن من قبل على الرأي العام أن هذه القضية قد حُسمت؟.. وعلى أي حال، نحن الآن على مقربة من عيد العمال.. ويجب على الجميع إثبات أن قلوبهم على الوحدة الوطنية.. وليس المزيد من تفتيتها.. ومن هذه اللحظة نحن في انتظار سماع خبر سار يثلج صدور الجميع.
http://www.akhbar-alkhaleej.