الأول من مايو ذكرى نضالية
عمال البحرين الإثنين ١٨ مايو ٢٠١٥

الأول من مايو ذكرى نضالية

 

 

 

الأول من مايو ذكرى نضالية

في كل عام يطل علينا الأول من مايو ويشرق علينا كما على العالم بأسره بشمسه الوهاجة ومغزاه الغني بالعبّر والدروس فإنها الذكرى النضالية للطبقة العاملة والتي لم يخفت بريقها رغم قِدم ولادتها وأحداثها التي جسدت نضال العمال من أجل لقمة عيشهم وتحسين ظروف عملهم.

إنها ذكرى التضحيات والنضال بوجه كل أشكال ترسانة الإستغلال والعبودية الرأسمالية فهكذا هو طريق النضال العمالي يسقط العديد من الشهداء والضحايا لأجل أن ينعم الآخرين والباقون بحياة أفضل وأكثر إنسانية، فتتقدم الصفوف حفنة من المؤمنين بطريقهم ودربهم الأقلية ليستبسلوا ويضحوا من أجل السواد الأعظم من العمال في تحقيق مطالبهم ورسم مستقبلهم نحو الأمام والأفضل والدفع بعجلة التاريخ بمحركها الطبقي إلى مرسى حق الإنسان في العيش الكريم والخالي من الإستغلال ولجم جشع رأس المال الذي ينتج الفقر والجهل والكوارث للبشرية فيأتي نضال الطبقة العاملة بكل معانيه الإنسانية ليقف بوجه آلة الإستغلال المدمرة تلك هي ذكرى مايو فالطبقة العاملة في نضالها وصراعها الطبقي دوماً تتصدر التاريخ وآلة التغيير فيه بلا منازع وكينونتها الإجتماعية والإقتصادية تجعل منها شعلة التغيير وطليعة الجديد في عالمنا المتداخل والمتغير مهما تبدلت الظروف وإختلفت موازين القوى وشرائح وطبقات المجتمع ومهما تغيرت أدوار ومواقع قوى التغيير فقد سقطت نظرية الطبقة الوسطى المتذبذبة المتسلقة في إحتلال موقع الصدارة في التغيير لتركع أمام مكانة الطقبة العاملة ودورها التاريخي الذي لازال رهان البشرية نحو الأفضل. تلك هي ديمومية الأول من مايو يوم العمال العالمي ومكانته وذاكرته التاريخية التي تجسدها الطبقة العاملة وتحتفل بها على مر السنون، وهذا ما يدعو أيضاً الطبقة العاملة في كل مكان أن تجدد نضالها في هذه الذكرى في ظل متغيرات الظروف ومستجداتها والتبدلات التي طرأت على التركيبة الإجتماعية سواء للطبقة العاملة أم بقية شرائح المجتمع وطبيعة الصراع الطبقي في ظل العولمة وتداعياتها والطفرة الإقتصادية العالمية وأثرها البالغ على طبيعة وسمات النضال العمالي وحركته النقابية فلم تعد اليوم القضايا المطلبية بأشكالها البدائية والبديهية محوراً فلقد إنتقل الصراع الطبقي للطبقة العاملة لمحطات جديدة ومتطورة قد لا نلمسها في مجتمعاتنا المتخلفة إقتصادياً ولكن نشهدها في أكثر الدول المتقدمة صناعياً والتي لم يعد الحراك النقابي والعمالي مقصور فيها على مهده ومقتصر على القضايا المطلبية العفوية التي ترسخ وتُعير عن الذاتية والمرحلية وليس الإستراتيجية في العمل النقابي وهذا ما نتلمسه في طبقتنا العاملة البحرينية وحراكها النقابي فلازال حراك الطبقة العاملة لدينا ونضالها بالذات وليس للذات وهذا ما يجعلها فريسة للإنتهازية ومراكز القوى ولا يوجد لها البناء الهرمي في نضالها الذي يرّسخ مكانتها وقوتها ويعزز من دورها الذي لابد أن ينفصل عن الإرتهان بالتكميلية والتبعية والإرتهان للقوى الأخرى.... سواء على صعيد الجماهيري وحراكه السياسي أو الرسمي بمراكز القرار فالإنعتاق من التبعية هو بدايات هو بدايات الطريق نحو الأمام والتقدم بالحراك الطبقي للعمال إلى آفاق المسار الصحيح والمكانة التاريخية ودون ذلك ستظل الطبقة العاملة لدينا مسلوبة الإرادة والإمكانية تدور في حلقة مفرغة من ضعفها وضعف كيانها النقابي وحراكه النضالي الذي يعاني من التشرذم والضعف وهناك العديد من التساؤلات التي ممكن أن تُطرح لتحاكم أجندات الحركة النقابية لدينا والتي تكاد تكون خاوية وأول هذه التساؤلات لماذا إلى يومنا هذا يتم التعامي والسكوت عن مطلب الحد الأدنى للأجور وإيجاد مجلس وطني يكون معني بدراسة تكاليف المعيشة وطفرة الأسعار ومستوى الأجور ويشرع لقانون الحد الأدنى للأجور. ولماذا إلى لحظتنا هذه تم التغاضي عن حق عمال وموظفي القطاع العام في تشكيل نقاباتهم، وأين قانون النقابات المهنية وتحت أي ذريعة أصبح في خبر كان وحبيس الأدراج!! وهل تساءلت حركتنا النقابية عن سبب ضعف كيانها وقاعدتها الجماهيرية ولماذا وبعد مضي أكثر من عقد من الزمن على علنية العمل النقابي وتشريع حق ممارسته ظلت قطاعات واسعة من العمال غير منضوبة ومنتسبة للحراك النقابي بما فيها العمالة الأجنبية والتي لم يُحرم القانون حق إنضمامهم للحركة النقابية. هناك العديد من الملفات والقضايا والتي برغم أهميتها إلا أنها غير معنية وغير حاضرة بما هو كافي على أجندات الحركة النقابية للأسف الشديد.

إننا مطالبين جميعاً أن نستلهم الدروس والعِبّر وأن نقوم بكشف حساب وتقييم للتجربة النقابية ومسارها وما أحوجنا ونحن نستقبل ذكرى الأول من مايو المجيد أن نكرس تقاليده ومضامينه النضالية وليس الإحتفالية فقط.

 

                                                                                غازي الحمر