تحذير من انعدام أمن واسع النطاق في سوق العمل العالمي
عمال البحرين الأحد ٠٧ يونيو ٢٠١٥

تحذير من انعدام أمن واسع النطاق في سوق العمل العالمي

 

تحذير من انعدام أمن واسع النطاق في سوق العمل العالمي

تشير التقديرات الواردة في تقرير جديد صادر عن منظمة العمل الدولية إلى أن ربع العمال فقط في العالم يتمتعون بعلاقة عمل مستقرة. يبين تقرير الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم 2015 أنه في الدول التي تتوفر عنها بيانات (وتشمل 84 % من القوى العاملة في العالم)، يعمل ثلاثة أرباع العمال بعقود مؤقتة أو قصيرة الأجل، أو في وظائف رسمية دون أي عقد غالبًا، أو في إطار ترتيبات خاصة، أو في وظائف غير مدفوعة الأجر ضمن الأسرة.
ويفتقر أكثر من 60 % من جميع العمال إلى عقود عمل من أي نوع، ومعظمهم يشتغلون لحسابهم أو يساهمون في عمل الأسرة في العالم النامي. وحتى بين العاملين بأجر، يعمل أقل من النصف (42 %) بعقد دائم. وتوضح الطبعة الأولى من التقرير السنوي الرائد الجديد، وعنوانها الطبيعة المتغيرة للوظائف، أن العمل بأجر، على الرغم من نموه في مختلف البلدان، يمثل فقط نصف الوظائف في العالم مع اختلافات واسعة بين منطقة وأخرى. ففي الاقتصادات المتقدمة وفي وسط وجنوب شرق أوروبا على سبيل المثال، تبلغ هذه النسبة نحو ثمانية من كل عشرة عاملين، بينما تقارب اثنين من كل عشرة في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء. ثمة اتجاه حالي آخر هو تزايد العمل بدوام جزئي، لاسيما بين النساء. ففي معظم البلدان ذات المعلومات المتاحة، فاقت الوظائف بدوام جزئي المكاسب المحققة في وظائف بدوام كامل بين عامي 2009 و2013.
وقال المدير العام للمنظمة غاي رايدر: “تشير هذه الأرقام الجديدة إلى عالم عمل يزداد تنوعه. وفي بعض الحالات، تساعد أشكال العمل غير العادية الناس في الحصول على موطئ قدم في سوق العمل. بيد أن هذه الاتجاهات الناشئة هي أيضًا انعكاس لانعدام الأمن واسع النطاق الذي يؤثر اليوم على كثير من العمال في العالم”. وأضاف رايدر: “يرتبط التحول الذي نراه من علاقة العمل التقليدية إلى أشكال غير عادية في كثير من الحالات بارتفاع في معدلات عدم المساواة والفقر في كثير من البلدان. والأكثر من ذلك أن هذه الاتجاهات تحمل مخاطر إدامة الحلقة المفرغة المتمثلة في ضعف الطلب العالمي وبطء خلق فرص العمل الذي اتسم بهما الاقتصاد العالمي وكثير من أسواق العمل طوال فترة ما بعد الأزمة”.
وقال رايدر: “يتمثل طريق المستقبل في ضمان أن تأخذ السياسات في الاعتبار تطور الطريقة التي نعمل بها اليوم. وهذا يعني تحفيز فرص الاستثمار لتعزيز خلق فرص العمل والإنتاجية، مع ضمان دخل كاف آمن لشتى فئات العمال، وليس فقط للعاملين بعقود ثابتة”.
يتزايد عدم المساواة في الدخل أو يحافظ على ارتفاعه في معظم البلدان – وهذا اتجاه يتفاقم بزيادة انتشار أشكال العمل غير الدائم وتزايد البطالة وعدم النشاط. وقد اتسعت فجوة الدخل بين العمال الدائمين وغير الدائمين طوال العقد الماضي. ويخلص التقرير إلى أنه على الرغم من الخطوات الإيجابية المتخذة لتحسين تغطية التقاعد والحماية الاجتماعية، مثل إعانات البطالة، فإنها لا تزال متاحة بشكل رئيسي للموظفين الدائمين فقط. أما أصحاب المهن الحرة، فحتى المعاشات شحيحة: في عام 2013، شارك 16 % فقط من العاملين لحسابهم في أنظمة المعاشات التقاعدية.
يقول معدو التقرير إن هناك اعترافًا متزايدًا بأن تنظيم العمل ضروري لحماية العمال من المعاملة التعسفية أو غير العادلة، لاسيما في العمل غير المنظم، ولإتاحة وجود عقود فعالة بين أصحاب العمل والعمال.
كانت قوانين حماية العمل تتعزز تدريجيًّا مع مرور الوقت، وهو اتجاه شائع في معظم الدول والمناطق. ولكن في أوروبا، تقلّصت هذه الحماية عمومًا منذ عام 2008 عندما بدأت الأزمة المالية العالمية.
قال مدير إدارة البحوث منظمة العمل الدولية والمعد الرئيسي للتقرير رايموند توريس: “تتمثل القضية الرئيسة في ربط التنظيم بسوق عمل متنوعة باطراد. ومن شأن الأنظمة المصممة تصميمًا جيدًا أن تدعم النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي على حد سواء.” يبحث التقرير في النهاية الأهمية المتزايدة لسلاسل العرض العالمية في تشكيل بعض أنماط العمل والدخل التي تلاحظ في أسواق العمل اليوم.
ويبين تقدير يستند إلى نحو 40 دولة تتوفر لديها البيانات أن أكثر من واحدة من أصل خمس وظائف في العالم مرتبطة بسلاسل العرض العالمية، أي فرص العمل التي تساهم في إنتاج سلع وخدمات تستهلك أو تجهز في بلدان أخرى. ويستعرض التقرير سياسات متنوعة تساعد سلاسل العرض العالمية في تحقيق منافع للشركات والاقتصادات وكذلك للعمال، وهذا لم يكن موجودًا دومًا في بعض القطاعات التي تنتشر فيها هذه السلاسل.
على الصعيد العالمي، استقر نمو الوظائف حول معدل 1.4% سنويًّا منذ عام 2011. وفي الاقتصادات المتقدمة والاتحاد الأوروبي، بلغ متوسط النمو 0.1%فقط سنوياً منذ عام 2008، مقابل 0.9% بين عامي 2000 و2007. يعود قرابة 73% من الفجوة العالمية في فرص العمل عام 2014 إلى نقص في فرص العمل لدى النساء اللواتي لا يشكلن سوى حوالي 40% من القوى العاملة العالمية. التأثير المباشر للفجوة العالمية في فرص العمل على فاتورة الأجور الكلية كبير: يقابل ما يقدر بنحو 1.218 تريليون دولار بالأجور الضائعة حول العالم. وهذا يعادل قرابة 1.2% من إجمالي الناتج العالمي السنوي، ونحو 2% من إجمالي الاستهلاك العالمي.
بالإضافة إلى تخفيض فاتورة الأجور العالمية بسبب فجوة فرص العمل، كان لتباطؤ نمو الأجور أيضاً تأثير كبير على فاتورة الأجور الإجمالية. ففي الاقتصادات المتقدمة والاتحاد الأوروبي مثلًا، يترافق تباطؤ نمو الأجور أثناء فترات الأزمة وما بعد الأزمة مع انخفاض قدره 485 مليار دولار في فاتورة الأجور الإجمالية في المنطقة في عام 2013.
بسبب التأثيرات المتعددة لزيادة الأجور وارتفاع الاستهلاك وزيادة مستويات الاستثمار، سيضيف ردم فجوة فرص العمل العالمية نحو 3.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي – وهذا يعادل زيادة في الناتج العالمي قدرها 3.7% دفعة واحدة.
في 86 دولة تشمل 65% من الوظائف في العالم، كان أكثر من 17% من العاملين يعملون بدوام جزئي أقل من 30 ساعة في الأسبوع. وبلغ عدد النساء العاملات بدوام جزئي 24%مقابل 12.4%للرجال. ومن بين 40 بلداً (يمثلون ثلثي قوة العمل العالمية)، وظف 453 مليون شخص في سلاسل العرض العالمية في عام 2013، مقابل 296 مليون في عام 1995. وهذا يمثل نسبة 20.6% من مجموع العمالة في البلدان المشمولة ، مقابل 16.4% في عام 1995.
على الصعيد العالمي، ينتسب 52% من الموظفين حاليًّا إلى أنظمة تقاعد، مقابل 16% من أصحاب المهن الحرة. يشارك قرابة 80% من الموظفين بعقود دائمة حاليًّا في أنظمة تقاعد، مقابل أكثر من النصف بقليل (51 %) من الموظفين بعقود مؤقتة.

http://www.albiladpress.com/article292244-1.html