غرباء في وطنهم
الإتحاد الحر لنقابات عمال البحرين يلتقي المراقببين الجويين العاملين بالخارج ويصفهم بـ :
غرباء في وطنهم
التقى الاتحاد الحُر لنقابات عمال البحرين بعدد من العاملين بخارج حدود المملكة في وظيفة المراقبة الجوية لحركة الطيران، حيث تم تفويض الاتحاد الحُر من قبلهم في تحريك دعوى بأسمهم للمرافعة الدفاعية عنهم أمام الجهات المعنية التي عانوا منها لسنوات مضت عبر عدم إنصافهم بغيرهم من العاملين في نفس الوظيفة، حيث من المعروف للجميع بأن وظيفة المراقب الجوي هي من الوظائف الأعلى أجراً في العالم، لما يحمله العامل في هذا المجال من مسؤولية كبيرة وبقبضته أرواح العديد من البشر تكون مرهونة بقرار يتخذه في لحظة مناسبة وحاسمة، حيث لا مجال للخطأ أو لإعادة النظر، لذلك يجب على المراقب الجوي ان يكون يقضاً ومنتبهاً وصافي الذهن طوال فترة عمله، ولتحقيق ذلك يجب عليه أن لا يحمل في ذهنه أي هموم معيشية او ضغوط إدارية تُفرض عليه، كما أن اختيار العاملين في هذه المهنة يكون بكل دقة متناهية ويتم منحهم رواتب عالية وحوافز مجزية ليتمكنوا من أداء مهامهم على أكمل وجه، وكل ذلك هو عرف دولي في هذا المجال إلا في مملكة البحرين فالوضع مختلف تماماً.
فبعد الضجة الاعلامية التي احدثها البرنامج التلفزيوني " طيور مهاجرة"، حين تم طرح موضوع هجرة المراقبين الجويين البحرينيين للعمل بالخارج، وشرحهم بالتفصيل للتمييز الذي يتعرضون له بسبب كونهم بحرينيين من قبل الشركة المشغلة وبالتعاون والتواطؤ من إدارة الطيران المدني، ونكرر هنا يتعرضون للتمييز بسبب كونهم بحرينيين وفي وطنهم البحرين من قبل شركة اجنبية بدعم من الطيران المدني البحريني، حيث تقدم هؤلاء المواطنين ذوي الخبرة الواسعة و المؤهلات المتعددة بشكواهم حاملين همّ غربتهم وانواع التمييز الذي يتعرضون له من قبل شركة اجنبية وبكل اسف بدعم من مؤسسة حكومية، تقدمو بشكواهم إلى الإتحاد الحُر لنقابات عمال البحرين، بيت جميع عمال البحرين وملاذهم الآمن من كل اضهاد وتمييز.
وشرح هؤلاء العمال للاتحاد الحر مدى ما يتعرضون له من تمييز عندما كانو يعملون في البحرين منذ اواسط التسعينات حتى فاض بهم الكيل في منتصف عام 2007 وقرروا تحمل اعباء الغربة على ان يعيشوا صراع التمييز في وطنهم، حيث كان راتب العامل البحريني آن ذاك لا يكاد يصل الى ربع راتب الاجنبي في احسن الاحوال، حيث كان راتب العامل الاجنبي يتجاوز الـ 8000 دينار وبالكاد يصل راتب البحريني إلى 2000 دينار، بنفس المهام، بل كان العامل البحرين يفوق الاجنبي خبرة ومهارة ومؤهلات، حيث أن مهنة المراقب الجوي تتطلب رخصة خاصة، ولنيل هذه الرخصة يتطلب على المتقدم لها ان يجتاز اختبارات ودورات تدريبية مكثفة فشل الأغلبية في تجاوزها، وفي معظم الاحيان كان العامل الاجنبي يتدرب على يد العامل البحريني وكان العامل البحريني يمتلك جميع الرخص الثلاث اي ان بمقدوره تغطية اماكن العمل الثلاث: برج المراقبة ومدرج الهبوط بالأضافة لمدرج الإقلاع، بينما كان العامل الاجنبي يمتلك رخصة واحدة فقط تخوله للعمل في موقع واحد فقط، اي ان العامل البحريني يساوي ثلاثة عمال اجانب تقريباً، رغم كل ذلك يتمتع الاجنبي براتب وامتيازات لا يتمتع البحريني بربعها.
وتابع العمال شرحهم مرارة معاناتهم قائلين: تحدثنا مرارا مع المسؤلين بهذا الخصوص، ولكن لا من عين ترى ولا اذن تسمع، مما جعل الامر يفيض بنا في نهاية المطاف، فحملنا مؤهلاتنا وخبراتنا وحقائب سفرنا متجهين للغربة، حيث استقبلتنا تلك البلدان بأذرع مفتوحة وضمتنا لما نملك من خبرة واسعة ومؤهلات متعددة، ولم نرى هناك اي شكل من اشكال التمييز بين المواطن والمقيم الأجنبي، بل كان الكل يُعامل بنفس المستوى للحفاظ على الوضع النفسي في أحسن حالاته لما له من تأثير وحساسية في عملنا.
لكن الحنين للوطن غالب دائما، فلم يغيب وطننا الحبيب البحرين عن بالنا طوال فترة عملنا بالغربة، وعندما قرأنا اعلان توظيف يطلبون فيه عن حاجتهم لمراقبين جويين للعمل في البحرين بمواصفات معينة أحسسنا ان الوضع تغير وان الفرج قد اتى وتحمسنا كثيرا للموضوع، ولأن حنيننا لوطننا الغالي كان سباقاً دائماً، ولأن المواصفات المطلوبة تنطبق علينا، بل ونتجاوزها بأشواط، وبدون اي تردد تقدمنا لهذه الوظائف ولم نستلم اي رد، ولأن لنا معارف سابقة في الشركة المُشغلة و في الطيران المدني قد قمنا بمراجعة طلباتنا، ولكننا فوجئنا بان طلبنا قد رُفض، وكانت المفاجئة بل الصاعقة عندما علمنا بسبب عدم قبولنا، حيث تم اخبارنا وبكل تمييز بأن الشركة مستعدة لتوظيف اي شخص من اي جنسية إلا البحرينيين، لا يوظف البحريني في وطنة، يا للكارثة!!! و الأدهى والأمر انه عندما قابلنا مدير الشركة وسألناه عن السبب في عدم قبول البحريني للعمل في وطنه!!!، أجاب انه على استعداد تام لتوظيفهم!!! بل ويفضلهم على غيرهم!!!، لكن شرط عدم توظيف البحرينيين هو بأمر من إدارة الطيران المدني، مؤسسة وطنية حكومية تمنع المواطنين من العمل في وطنهم، قرار من هذا يا ترى وبدعم من من؟؟؟ وأين المسئولين الوطنيين من أصحاب هكذا قرارات، ترى ما ردة فعل الرأي الدولي لو علموا بأمر كهذا؟؟؟.
من جانبه استنكر يعقوب يوسف رئيس المجلس التنفيذي للإتحاد الحر لنقابات عمال البحرين مثل هذه التصرفات من قبل المسؤولين عن اتخاذ مثل هذه القرارات، واعلن مساندة الأتحاد الحُر ودعمه لقضية المراقبين الجويين العادلة ومطالبهم الحقة، حيث طالبو الجهات العليا بالتدخل السريع وإنهاء مثل هذه الممارسات المسيئة لسمعة البلد والتي لا تخدم المواطنيين الشرفاء ولا تنفذ توصيات وتوجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء حينما اوصى بأعطاء الأولوية للموظفين البحرينيين ومعاملتهم بإنصاف، وطالب الاتحاد الحر بمحاسبة كل من كان مسؤولا في أتخاذ مثل هكذا قرارات غير منصفة.