بعضهم يعمل في الحلاقة والمطاعم والمقاهي وبيع الملابس
بعضهم يعمل في الحلاقة والمطاعم والمقاهي وبيع الملابس
الشاب البحريني كسرت الحاجة لديه الخجل... فأصبح يقبل بكل الوظائف
قبل ما يقارب العشر سنوات لم يكن طبيعياً أن ترى بحرينياً يعمل في محلات الحلاقة والمطاعم والمقاهي وبيع الملابس وغيرها من المجالات التي يحكم عليها العرف أن العمل بها بالنسبة للمواطن يُعَد مخجلاً. أما الآن فالشاب البحريني ولأسباب عدة أهمها تراجع فرص العمل في الأماكن المرغوبة بالإضافة للحاجة بات مضطراً لقبول أي وظيفة متوفرة له بغض النظر عن الخجل الاجتماعي منها، فأصبحنا نرى الشاب البحريني يعمل في الحلاقة والمقاهي والمطاع ومحلات بيع العصائر وبيع الملابس وغيرها مما كان الشاب البحرين لا يجد أنها مهن تناسبه اجتماعياً.
«الوسط» وبمناسبة اليوم الدولي للشباب التقت بعدد من الشباب العاملين في مثل هذه المجالات ليروا قصصهم التي دفعتهم للقبول بمثل هذه المهن.
أحمد عيسى... من الهندسة إلى عامل يقدم وجبات في مطعم
كان أحمد عبدالله عيسى قبل الأزمة السياسية في العام 2011 يعمل في مكتب هندسة، ومع الممارسة اكتسب الكثير من الخبرة فوجد نفسه على سلم يخطو على عتباته للأعلى يوماً بعد يوم، وفجأة سقط من أعلى هذا السلم بعد الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد ذلك العام ليجد نفسه بعد تسريحه عن العمل عاطلاً يطرق الأبواب طالباً أي وظيفة تعينه على الحياة. يقول أحمد عيسى صاحب الـ 22 عاماً «أخيراً وجدت عملاً في أحد مطاعم الوجبات السريعة بعد أن تعبت من البحث. اضطررت أن أقبل به وأنسى حلم الهندسة لأبدأ حياة جديدة مرغماً لا أملك خيراً آخر». يعترف عيسى أن هذا العمل لم يكن مقبولاً بالنسبة له إلا أن الحاجة أجبرته حتى اعتاد عليه فانتقل بعد ذلك للعمل في مطعم متخصص في تقديم وجبات الفطور الشعبي «بدأت عملي الجديد أقدم الطعام للزبائن. كنت أشعر عند البعض منهم بالدهشة عندما يكتشفون أني بحريني. وكذلك بعض أصدقائي وأهلي يستغربون من قبولي بهذا العمل».
ويضيف «الحمد لله اعتدت على العمل الجديد الذي مضى عليّ فيه سنتان، وقد تمت ترقيتي فأصبحت من الطاقم الإداري إلا أنني لا زلت أحب تقديم الطعام للزبائن».
عيسى لم يعد يبحث عن عمل وذلك لأنه «أصبت بإحباط من إيجاد وظيفة تناسبني كمواطن بحريني. والأهم أنني وجدت عملاً استطعت الاندماج فيه وأحببته وكلي اقتناع بالراتب الذي أتقاضاه».
موسى كاظم: توقيفي
عن العمل سبب في عملي الحالي
استلم الشاب موسى كاظم قرار توقيفه عن العمل لمدة عشرة أيام حيث كان يعمل مراسلاً في إحدى الوزارات، ودخل كاظم بعد هذه الواقعة في أزمة وضائقة مالية كبيرة بعد أن تفاجأ أثناء استلام راتبه بأنه 30 ديناراً فقط .
ولم يتوانَ كاظم عن الانطواء لوحده في المنزل بعيداً عن الأعين كما يقول كاظم في ذلك «بقيت لوحدي في إحدى غرف المنزل لا أعرف كيف أتصرف حيال هذا الأمر وبالأخص أن فترة توقيفي صادفت عدة مناسبات منها شهر رمضان والعيد والعودة للمدارس، وأثناء التفكير اغرورقت عيناي بالدموع قبل أن يدخل ابني الغرفة ويرى حجم الضعف والانهيار الذي اجتاحني لحظتها، لتكون لي بهذا الموقف الصعب ردة فعل عكسية جعلتني أبحث عن مخرج للأزمة التي أمر بها».
وأصبح كاظم في حيرة من أمره، وبات اليأس يتغلغل فيه وتزداد رقعته بإعلان كاظم عجزه التصرف حيال توفير أبسط المتطلبات له وإلى أفراد أسرته، حتى تمكن من النهوض مجدداً والبحث عن مهنة جديدة له يتمكن من خلالها مواجهة الصعوبات والتحديات التي تواجهه.
ويشير كاظم في ذلك بالقول: «لجأت لأحد الأشخاص من قريتي والذي لم يبخل بدعمي ومساعدتي مادياً وتمكنت من خلالها الانطلاق مجدداً في مهنة عامل العاب الأطفال، والحمد لله بعملي في هذه المهنة تمكنت من إثبات قدراتي وضمان توفير لقمة العيش لي ولأبنائي».
كاظم هو واحد من بين العشرات الذين كانت لهم بصمات واضحة في مهن عملوا ومازالوا يعملون بها على الرغم من عدم قابلية البعض في القبول بها، وفي ذلك يختم كاظم حديثه بالقول: «أنصح جميع الشباب بعدم انتظار أي وظيفة ربما يطول انتظار قدومها، وأن لا يتركوا المهن للأجانب بل اقتحموا مختلف المجالات والمهن لأن فيها خير وبركة».
محمود رياض: اصطدمت بصخرة الواقع وكان لابد من المواصلة
كان في صغره يحلم بالعمل في إحدى الوزارات الحكومية أو إحدى الشركات الكبيرة ولما تخرج من الثانوية ولم تسعفه الظروف للالتحاق بالجامعة توجه للدراسة في المعاهد كي يحصل على مؤهلات تساعده في إيجاد وظيفة بمستوى أحلامه البسيطة لكنه اصطدم بصخرة الواقع فعاد بأحلامه خائباً بعد أن أعياه جواب الرفض أو التجاهل. يقول محمود رياض «عملت في سن الثامنة عشر في مخزن للأحذية وكنت أواضب على الدراسة في المعاهد كي أحقق حلم العمل في مكان أفضل وبراتب أكبر يلبي طموحي كمواطن بحريني». رياض فعلاً خرج من مهنته كمنظف أحذية في مخزن أحد المحلات، ولكن ليس لما كان يحلم به بل انتقل لوظيفة أخرى وهي بيع الملابس الجاهزة في محل بأحد المجمعات، يضيف «لم أيأس رغم مضي خمس سنوات على عملي الأول والثاني الذي مازلت فيه. فأنا مستمر في تقديم أوراقي هنا وهناك أما الرد الأكثر مروراً على مسمعي فهو، أعطني أوراقك وسنتصل بك لاحقاً. وطبعاً لا أحد يتصل».
رياض لا يحلم فقط بالعمل في مكان يناسبه كمواطن بحريني بل يحلم بالزواج وبمنزل يجمعه مع عائلته إلا أن هذه الأحلام يعتبرها «بعيدة المنال، فالراتب بالكاد يكفي للمصاريف الروتينية».
وعن عمله الحالي تحدث قائلاً «وظيفتي الآن ترتيب الثياب ومتابعة الزبائن الذين يدخلون المحل ومحاسبتهم في حال شرائهم إحدى معروضاتنا». ولم يبدِ رياض أي اعتراض على طبيعة عمله لكنه أبدى استياءه من الوقت «في مثل هذه الأعمال أنت محكوم بنسيان الحياة الاجتماعية والثبات في حضور ومشاركة الأصدقاء والأهل في المناسبات الدينية والاجتماعية، وبالأخص أثناء النوبة المسائية».
أكثر ما يؤلم رياض هي نظرات الزبائن، البحرينيين منهم والخليجيين عندما يكتشفون أنه مواطن بحريني «يستغربون من عمل الشاب البحريني في هذه المجالات، ربما اعتادوا على مشاهدة العاملات البحرينيات في هذا المجال لكن الشباب البحريني تواجده حديث».
مشيراً «الخليجيون بالذات عندما يتحدثون معي ويكتشفون أني بحريني يبدؤون بتوجيه الأسئلة، والبعض يقول لي إننا في بلدنا لا يوجد مواطن يعمل في مثل هذه المهن».
أحمد يعقوب... قصة نجاح عمرها 15 عاماً بالحلاقة الرجالية
بدأ الشاب أحمد يعقوب قبل 15 عاماً عمله في مهمة الحلاقة الرجالية ومازال يمارسها حتى اليوم ليؤكد أن لا وجود لكلمة مستحيل في قاموسه.
ولم يكن يتوقع الشاب يعقوب في يوم من الأيام أن تكون الحلاقة الرجالية مهنة له؛ وذلك نتيجة العديد من العوامل السائدة في المجتمع المحلي، بدءاً من النظرة الدونية لمثل هذه المهنة ومن يمارسها، وليس انتهاءً بعدم قناعة الكثيرين بجدوى المجازفة في مقارعة الأجانب الذين استحوذوا على النصيب الأكبر من تلك المهن.
وفي هذا الجانب كان للشاب يعقوب كلمة أخرى عندما اقتحم هذه المهنة وأثبت جدارته وأصبح رقماً صعباً يشار له بالبنان في ذلك.
وتمكن يعقوب عبر ابتسامته الهادئة المرسومة على وجهه، جنباً إلى جنب مع عمله المتقن في الحلاقة الرجالية من استقطاب المئات من الزبائن حتى أصبح مقصد الكثيرين منهم بشكل يومي.
ويقول الشاب يعقوب «لم يكن الطريق مفروشاً لي بالورود، إلا أن ذلك لم يمنعني من الانطلاق بهذه المهنة منذ العام 2000 وما زلت فيها حتى يومنا هذا».
ولا يقتصر الأمر عند الشاب يعقوب عن الحلاقة فقط، بل إنه استطاع بمهارته وإتقانه لها أن يكون مساعد تدريب لهذه المهنة ومن ثم مدرباً معتمداً لها في وزارة العمل، كما أنه شارك في عدة معارض للمهن، وتم تكريمه تقديراً لما وصل إليه».
ويسترسل يعقوب في ذلك بالقول: «الهدف من الدورات الحالية هي تشجيع الشباب البحريني إلى دخول هذه المهنة وانتشارهم في كل مناطق البحرين، وذلك بما تتميز به هذه المهنة من نواحٍ عديدة وهم أولى من الأجانب وأقل تكلفة وتعقيداً منهم.
وتعد مهنة الحلاقة بكونها من الحرف اليدوية وهي مهنة كما يقول يعقوب عنها: «هي مهنة تغنيك عن الحاجة كما أن لها علاقة مباشرة بخدمة المجتمع والتكافل والتواصل الاجتماعي».
ولهذه المهنة وشاغلها مواصفات معينة كما يقول يعقوب «الثقة في تقديم الخدمات والمرونة في التعامل والثقة في نظافة الأدوات والاتقان في تقديم الخدمة حسب طلب الأشخاص هي عوامل النجاح».
ويحث عيسى الشباب البحريني بعدم الاستهانة بهذه المهنة وغيرها، وعدم تركها للأجانب لأنها ذات مدخول جيد.
علي هاشم... خمس ساعات يومياً أمام حرارة الفحم لإعداد المشويات للزبائن
يقضي الشاب علي هاشم قرابة الخمس ساعات يومياً أمام الفحم لإعداد المشويات لزبائن المحل الذي يعمل فيه مساءً بالعاصمة المنامة وقبلها يتوجه فجراً للسوق كي يشتري اللحوم والدجاج والخضروات. هاشم يبلغ من العمر 27 عاماً ويعمل صباحاً مدرساً للمعاقين إلا أن الحاجة وزيادة المسئوليات عليه دفعته للبحث عن وظيفة ثانية تشكل له مدخولاً إضافياً، إلا أنه لم يجد عملاً يناسب مؤهلاته ما أجبره على القبول بالعمل في مطعم للمشويات بالعاصمة المنامة مسقط رأسه. يقول هاشم «قبل أن أقبل بهذا العمل حاولت جاهداً الحصول على وظيفة إضافية مناسبة ليعينني راتبها على مشقة الحياة لكنني لم أوفق فقبلت بهذا العمل الذي لم أكن يوماً أتوقع أنني سأزاوله».
الآن هاشم اعتاد على عمله الإضافي لكن الزبائن الجدد لم يعتادوا على رؤية البحريني يعد المشويات في المطاعم «مازلت أسمع عبارات الدهشة من بعض الزبائن عندما يكتشفون أني مواطن بحريني، والبعض يقول لي أنت تعتبر مدرس فكيف تقبل بهذا العمل. طبعاً لا أهتم بمثل هذا الكلام ولا يحبطني بل على العكس، يشجعني لأنني أشعر أن هذا ما يميز الشاب البحريني الذي لا يجد حرجاً في العمل بأي وظيفة كانت».
الشاب محمد جعفر... حيث تختلط القهوة بروح التحدي
«عشقت العمل في إعداد القهوة، وأجد في المواصلة تحدٍ ونجاح لي «بهذه الكلمات بدأ الشاب العشريني محمد جعفر واصفاً مهنته بإعداد القهوة في أحد المقاهي المعروفة حيث يعمل.
وعن تلك المهنة، يبادر جعفر بالقول: «العمل بمثل هذه المهنة وإن كان الإقبال عليه سابقاً ضعيفاً ومحدوداً، إلا أنها ومع مرور الوقت أصبحت مرغوبة من قبل الشباب البحريني وذلك لما فيها من التحدي والإصرار».
ويؤكد جعفر وجودة الإشادة من زبائن المقهى وإعجابهم عندما يرون أن من يقوم بإعداد القهوة بحريني، ويشير بالقول « نظرات الزبائن فيها الكثير من الإعجاب عندما يجدون من يقوم بخدمتهم بحريني، بل بعضهم يصر على أن من يقوم بإعداد القهوة وتجهيزها أن يكون بحرينياً وهذا بحد ذاته محل اعتزاز وتقدير».
ولا يخفي جعفر حسن المعاملة التي يتلقاها هو وزملائه من المسئولين في المقهى، ودائماً ما تكون هذه الكلمات بمثابة الدافع لهم لمواصلة العمل بمثل هذه المهن على حد قولهم.
كما أن طموح جعفر لا يقف عن إعداد القهوة مثلما يقول «طموحاتي كبيرة في هذه المهنة وأتمنى أن أتقن أشكال القهوة كافة، وأن تكون لي بصمة واضحة في إعدادها، وربما أنجح في يوم من الأيام بافتتاح مقهى خاص بي».
http://www.alwasatnews.com/