2 مليار دينار العجز السنوي في البحرين
عمال البحرين الأحد ١٧ أبريل ٢٠١٦

2 مليار دينار العجز السنوي في البحرين

 

2 مليار دينار العجز السنوي في البحرين

منتدى "البلاد": الضرائب .. كابوس أم طوق نجاة

أعدها للنشر - نادر الغانم
عندما شرعنا في إعداد هذا الملف لم تساورنا الشكوك في النخبة التي وجهنا إليها الدعوة بالخوض في خيار الضرائب الصعب، وأنها تستطيع تجنب الملابسات التي تحيط، والمتاهات التي تتربص، والمفترقات التي تتراءى في منتصف الطريق.
كنا على يقين من أن الجميع يمكنهم التعاطي مع الضرائب على أنها سياسة مالية سابقة التجهيز، وأنها ضرورة قد تكون حتمية أو لا تكون، المهم أن تكون منقذة لمسارات، ومعززة لتوجهات، وصالحة لتحديات.
لكنّ السؤال الذي ظل يتردد طوال ساعات المناقشات التي دارت والمنعرجات التي برزت: أي الضرائب بالضبط نحن بحاجة إليها؟ وأية أعباء من الطبيعي أن تتحملها قطاعات دون غيرها؟ وأية شرائح يمكنها تجرع الدواء المر بكل قناعة ورضا وأريحية وامتنان؟
يرى البعض أن فرض الضرائب سوف يطرد الاستثمارات، وأنه سيخلف من الضحايا أكثر مما ينجب من المواليد.
البعض الآخر يشدد على أنها الحل الأمثل لتعويض المفقود من إيرادات النفط، وأنها العصا السحرية التي من خلالها سنعالج الاختلالات في الميزانية العامة شبه العاجزة عن الوفاء بالتزامات المستقبل، وأنها رغم ما يقال عن تبعية “الوصفة” التي جاءت بها مديرة صندوق النقد الدولي “كريستين لاغارد” سوف تساهم في تنويع مصادر الدخل وإيجاد قنوات تمويلية بديلة عن تلك التقليدية المجهدة، والتي لم يعد الاعتماد عليها كافيًا والارتكان إليها مطمئنًا.


الشعلة: كل الخوف على كفاءة البحرين الاستثمارية
في حوار المنتدى الذي قدمه رئيس مجلس الإدارة عبدالنبي الشعلة، تحدث قائلا: "يسعدني أن أرحب بكم جميعا في ملتقى البلاد الاقتصادي الشهري، وأرحب بهذه النخبة المختصين والمسؤولين والأكاديميين الاقتصاديين من أجل تبادل الرأي، والتحدث عن موضوع في غاية الأهمية هو (كابوس الضرائب) إذا شئنا أن نسميه؛ إذ إن الكل في القطاع الخاص يترقب الآن موضوع الضرائب، وإن كان الموضوع ليس جديدا، إذ طُرح للنقاش في عدد من البلدان منذ سنوات طويلة ومن ضمنها البحرين، ولكن يبدو أنه حان الوقت لتطبيقه بعد التراجع الكبير الذي شهدته أسعار النفط ومداخيل الدول".
كنا طوال السنوات الماضية نروّج إلى أن بلداننا خالية من الضرائب؛ لاستقطاب الاستثمارات والأعمال، والآن تغيرت الصورة، وقد نفقد خاصية الترويج لمنطقتنا من هذا المنطلق.
أدعو المستشار الاقتصادي حسن العالي للتفضل بإدارة هذا الحوار.



الصائغ: نعيش اقتصاد “الرجل المريض”... وفيروسنا النفط
العالي: إن موضوع الضرائب - كما تفضل الشعلة - ليس جديدًا، وإنما طرح في سنوات ماضية، وفي كل مرة يلامس تطورات اقتصادية تدفع له بالأمام دون أن يحسم بصورة نهائية.
إلا أن الحديث الآن وبصورة متواصلة عن قرب فرض الضريبة المضافة (
value added tax)، وحسبما أعلن إثر عقد المسؤولين الخليجيين المعنيين اجتماعات فإنه تم الاتفاق على قانون موحد، وان هناك توجها لبدء تطبيقه في العام 2018.
وبالطبع، هناك العديد من أنواع الضرائب، فإضافة إلى الضريبة المضافة، هناك الضريبة على دخل الشركات، ودخل الأفراد. وبطبيعة الحال فإننا مجتمعات إسلامية، ولدينا “الزكاة” التي تُفرض على الشركات من قبل الحكومات.
إن ما يفرض الحديث مجددا عن هذا الموضوع هو الأوضاع الاقتصادية الراهنة، التي بدأت في يونيو من العام 2014، مع تراجع أسعار النفط، ولهذا فإن المدخل المناسب للحديث عن ذلك يبدأ بالتوقف عند التطورات الاقتصادية الأخيرة التي سلطت الضوء مرة أخرى وبقوة على موضوع الضرائب، وأعتقد أنه للبدء في هذا الجانب يستطيع الصائغ أن يستهل الحديث عن المستجدات الاقتصادية، ومن ثم التفرع إلى بقية المحاور.
- الصائغ: كل الشكر لصحيفة “البلاد” على إقامة هذه الفعاليات، وتخصيص موضوع “فرض الضرائب”؛ إذ إننا الآن في أمسّ الحاجة لمناقشة هذا الموضوع الحساس، خصوصا أننا ننتقل من حقبة اقتصادية إلى أخرى؛ بسبب تدني أسعار النفط الذي بدأ منذ العام 2014.
تكمن أهمية انخفاض أسعار النفط نتيجة اعتماد المجتمعات الاقتصادية الخليجية على النفط اعتمادا كبيرا، وتصل نسبة الإيرادات المالية من النفط ما بين 86 % إلى ما فوق 90 % في بعض البلدان الخليجية.
وانخفضت أسعار النفط مما كانت فيه في العام 2014 إلى ما فوق 140 دولارا إلى 30 دولارا. إنه تحول كبير في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، وأثر بشكل كبير في تمويل الأنشطة الاقتصادية، خصوصا أن اقتصادات البلدان الخليجية تعتمد على الأداء الاقتصادي أي “السياسة المالية”، التي بواسطتها توزع الحكومات الإيرادات على القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتضخ السيولة في الاقتصاد.
وهنا تكمن خطورة هذه المسألة بسبب ارتباط القطاعات الاقتصادية المختلفة بإيرادات النفط، وبالسيولة التي تأتي منها لتقوم الدولة بضخها، ولذلك تأثرت قدرة الدولة في تمويل النشاط الاقتصادي الذي أصبح “مريضا” نتيجة تراجع أسعار النفط.
الآن هناك تفكير متواصل لإيجاد البدائل المناسبة لإيرادات الدولة، وبديل لضخ السيولة التي كانت تعتمد على النفط.
وفي الوقت الراهن الخيار المطروح هو تنويع مصادر الدخل من خلال إيجاد نظام ضريبي يحتاج وضع علامة استفهام أمامه. والسؤال عن مدى وجود جدوى من فرض نظام ضريبي في ظل وجود اقتصاد يميل إلى الركود، وهنا تطرح علامة استفهام.
ولكن يبقى تشخيص الوضع الاقتصادي، أن قدرة الدولة على التمويل تأثرت بشكل كبير، كما أن المجتمع الخليجي تعوّد على الرفاهية، وعلى الدعم الحكومي الذي امتدد إلى أكثر من 40 عاما. وهذا الدعم أصبح جزءا من الحياة الاجتماعية، ومن المستوى المعيشي للمواطن، والآن بدأت الحكومات في المنطقة تعيد النظر في سياسة الدعم، والآن بدأ التفكير في تطبيق النظام الضريبي.




البورشيد: كفاءة الإنفاق قبل فرض الأعباء

العالي: فيما يتعلق بالبحرين وتحديدا وزارة المالية، هل سبق بالفعل أن وصل موضوع فرض الضرائب إلى مراحل معينة؟ وهل طُرح سابقا بنية تطبيقه في المملكة؟
- البورشيد: أعتقد أن من المهمات الرئيسة لأي وسيلة إعلامية تثقيف المجتمع وتوعيته، وأهم شيء في أي مجتمع الحياة الاقتصادية، مثلما قال بيل كلينتون قبل فوزه على جورج بوش الأب “إنه الاقتصاد.. الاقتصاد.. الاقتصاد”. ولهذا فإن حياة أي مجتمع مرتبطة بالاقتصاد، ثم تأتي الأمور الأخرى.
أما بخصوص التفكير سابقًا في فرض ضرائب فلم يكن ضمن الأجندة حينذاك، وأنا شخصيا أؤمن أن قبل التفكير في هذا الموضوع وتحميل المواطن عبء القرارات الحكومية يجب النظر في هذه القرارات وأساسا في كفاءة الإنفاق العام، وبعد استيفاء كل هذه الأمور تكون هناك حاجة لإعادة النظر في الإيرادات.





فخرو: أمر واقع وأفضل من الرسوم
العالي: نعم لم نكن نسعى ونفكر في فرض ضرائب حينها. جمال فخرو، ماذا عن الوضع الراهن؟ وكيف تنظرون إلى إمكان تطبيق الضرائب في الظروف الحالية؟
- فخرو: لنكن واقعيين، هناك مشكلة حقيقية في البحرين؛ لوجود عجز كبير في الميزانية، والحكومة كانت وما زالت وستبقى المحرك الأساس للاقتصاد، وهي أكبر جهة تنفق في الاقتصاد، واليوم مع تراجع أسعار النفط ومع الوضع الحالي الذي بلغ فيه البرميل 40 دولارا وقد يصل إلى 35 دولارا، مع خصم تكاليف الإنتاج، فإننا بوضعنا الحالي نواجه عجزا يبلغ نحو ملياري دينار سنويا، وبالتالي لابد من البحث عن حلول تهدف إلى تقليل هذا العجز وليس في وقت قصير القضاء عليه.
إنفاقنا اليوم في الميزانية العامة مليار ونصف المليار دينار كلها رواتب وأجور سنوياً، ودخْل النفط حاليا لا يغطي تكاليف الرواتب والأجور، ولهذا فإننا أمام مشكلة حقيقية، ولا يمكن مواجهتها إلا بالبحث أولا عن خفض النفقات. وثانياً زيادة الإيرادات، وعند البحث عن زيادة الإيرادات لابد من العثور على مصدر لزيادة الإيرادات بشكل ثابت “ديمومةً واستدامةً”، ويجب ألا تكون إيرادات تتذبذب بأسعار وقرارات بيد طرف آخر.
إن وضع أسعار النفط نحن لا نملكه، وبالتالي عندما ارتفعت الأسعار إلى 140 دولارا للبرميل ربحنا، وعندما تراجعت الأسعار خسرنا. وإن وزير النفط في المملكة وكل وزراء النفط في المنطقة ليس لديهم قرار؛ لأنه القرار في السوق.
لقد أنفقنا كثيرا عندما وصل السعر إلى 140 دولارا للبرميل، واضطررنا الآن أن نقترض كثيرا؛ لأننا دولة ريعية وحتى نحافظ على السلم الاجتماعي داخل البلد.
إن القرار ليس قرارا اقتصاديا فقط، بل هو قرار اقتصادي، سياسي، اجتماعي، سواء تم فرض الضريبة أم لم تفرض.
ولكن السؤال: هل نحتاج إلى فرض ضرائب؟ الإجابة: نعم. وبرأيي الشخصي، إن فرض الضريبة على صاحب العمل والمؤسسات، والأفراد أفضل بكثير من فرض الرسوم. إن الضريبة مرهونة بالربحية، في حين أن الرسوم عبء على العمل. ولهذا لابد من النظر لذلك بصورة إيجابية.
إن الضريبة ليست “كابوسا”، بل أمر واقع نحن لم نعتد عليه، وإن قرار وزراء المالية بدول مجلس التعاون الخليجي بفرض الضريبة المضافة بنسبة 5 % قرار لا رجعة فيه، لكنه ليس هو الحل. فنسبة 5 %، كم ستبلغ الأموال المحصلة منها؟ 150 مليون دينار... لا شيء، ولا تمثل أهمية كبيرة. لكنها ستكون بداية ربما لفرض ضرائب أخرى. والضرائب الأخرى حتمًا ستكون مصدرا من مصادر الدخل الرئيسة في كل دول العالم، وإن دول العالم تعتمد المصادر الطبيعية، مثل الغاز والمعادن أو الرسوم والضرائب وبيع الخدمات.
إن مصادرنا الطبيعية هي النفط وتم تحصيله، والرسوم يتم رفعها، والخدمات التي رُفع الدعم عنها لتكون بسعر الكلفة، لذلك لا يوجد مصدر رابع، ولهذا لا يوجد مجال الآن أن نتحدث عن أن الضرائب سوف تفرض أم لا.
السؤال المطروح عندما تُفرض الضرائب، كيف يمكن للاقتصاديين ومع الحكومة العمل على التقليل من الآثار السلبية لفرض الضريبة؟
لا شك أن فرض الضريبة المضافة لن يكون لها تأثير كبير؛ إذ إن الناتج عنها لن يزيد على 120 مليون دينار.
وهنا يأتي موضوع فرض الضريبة على الشركات، إذ نجد أن كل دول الخليج تفرض الضرائب على الشركات، وبعضها على الشركات المحلية، والبحرين البلد الوحيد الذي لا يفرض ضرائب في المنطقة، والآن لم تعد الملاذات الضريبية تحمل سمعة حسنة، بل بالعكس أصبحت الدول جميعها تتجه لإنهاء هذه الملاذات الضريبية، وآخر هذه الفضائح ما كشف عنه في بنما، وهو قليل من كثير في العالم.
إن العالم يتجه الآن إلى فرض الضريبة، وبتقديم معلومات للجهات المعنية، وتكون بمتناول الجميع وباتفاقيات دولية لتبادل المعلومات الضريبية بين الأشخاص وبين الدول. وبالتالي فإن فرض الضريبة يزيد من الشفافية، ويعطي المزيد من توزيع الدخل والمزيد من المشاركة في حل المشكلة الاقتصادية. إن زمن الركون على الدولة لحل المشكلات ولى وانتهى، إلا إذا “كتب الله لنا” بعودة أسعار النفط إلى 150 دولارا أو أكثر.
تبقى لدينا كيفية معالجة هذا الموضوع، وأعتقد أنه لابد من حصول تغييرات جذرية في الثقافة الضريبية في البحرين، إذ لا يمكن أن أنام وأصحو في اليوم الثاني وأجد أمامي ضريبة. لابد من الآن أن تعرّف الدولة والجهات المعنية الناس بإيجابيات وسلبيات فرض الضريبة، وكيف للمواطن أن يستفيد من وجود ضريبة القيمة المضافة، وكيف ستساعدني على الادخار أكثر من الاستهلاك، وكيف يمكن استخدامها بوصفها أداة اقتصادية في المجتمع. والمطلوب من الحكومة، من الاقتصاديين، والسياسيين لبحثها بصورة إيجابية، ولم يعد هناك مجال للوقوف أمام الضريبة التي هي مصدر من مصادر الدولة وحتمًا سوف تأتي. وهل ننتقل من ضريبة القيمة المضافة إلى ضريبة الدخل؟ وهنا يجب دراسة الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من فرض هذا النوع من الضرائب. وبحث بفرضها بالشكل الصحيح حتى نقلل من آثارها السلبية. والآثار السلبية عند فرض الضريبة ستكون قصيرة المدى، في



الكوهجي: نعم للضرائب... لا للتمييز في تحصيلها

العالي: لنطّلع على رأي مجلس النواب في هذا الشأن.
- الكوهجي: اتفق مع الكثير من الأفكار التي طرحت، وأختلف مع بعض الأمور الأخرى التي طرحت. نعم لفرض الضريبة، ولابد أن نصل إلى هذا القرار ولكن بشروط. اليوم لا توجد ضرائب إلا بتمثيل، والتمثيل موجود، ولكن عند فرضها يجب أن تفرض على الجميع دون تمييز أو استثناء لأي شخص. ومشكلتنا في دول الخليج، ونظرا لكوننا دولا ريعية، هناك أشخاص تطبق عليهم القرارات وآخرون لا تطبق عليهم. وأنا أتحدث عن أمور رأيناها في السابق.
من المهم تثقيف المجتمع عن الأسباب التي تحتم فرض الضريبة، وما الهدف منها. نعم هناك عجز كبير في ميزانية الدولة، ولا يوجد أمامنا طريق وحل إلا الاقتراض، وحتى هذا الجانب يلاقي صعوبات؛ لأن بعض البنوك قد لا تقدم قروضا للبحرين، ولهذا وصلنا إلى مرحلة لابد فيها من التفكير في فرض ضرائب.
إن الضريبة التي تستحصلها الجمارك في الميزانية تزيد بقليل عن 100 مليون دينار. وهي نسبة 5 % التي تحتسب. في حين أن العجز لدينا بالمليارات، ولهذا فإن فرض الضريبة الحل الوحيد لدول المنطقة بعد تراجع أسعار النفط بهذه النسبة. ولأن أسعار النفط مرتبطة بشكل دولي، فإننا مع ارتفاع الأسعار نشعر أننا بخير، وعند التراجع ننهار.
إن ميزانية مملكة البحرين في 2015-2016 لا توجد فيها مشروعات، ولكن لدينا الدعم الخليجي الذي يغطي هذا النقص، وإلا لكان الاقتصاد البحريني قد انهار.
إن الثقافة ضرورية، والسعي لتثقيف المجتمع والوضوح والشفافية في هذا الصدد أمر في غاية الأهمية، وليس اتخاذ خطوات بفرض الضريبة دون إلمام الناس ومعرفتهم بها. ولهذا فإن المواطن عندما يدفع الضريبة يعلم ماذا سوف يحصل عليه مقابل ذلك. أما إذا استمر العمل مثلما كنا نعمل في السابق فإن ذلك لن يفيدنا بشيء ولن يحسن أحوالنا.
الآن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعية لا يمكن إخفاء أي شيء. ولهذا أقول نعم لنفرض ضرائب ولكن لابد من الوضوح والشفافية، وأن تفرض على الجميع، وإذا ما تم القرار في فرض للضرائب على الشركات، وعلى الأفراد يجب أن يكون هذا القرار جماعيا بين كل دول مجلس التعاون الخليجي، وأن يكون قانون هذه الضريبة موحدا بينها.
الأمر الآخر في هذا الجانب، أين دور رجال الأعمال في تحريك الاقتصاد البحريني، وباقي دول المجلس. وإذا أردنا أن نعتمد على الدولة فإن دورها بدأ يتقلص ويتراجع؛ نظرا لكثرة المصاريف وتزايدها، والارتفاع الكبير في أعداد السكان، ونحن نصل إلى مستوى لابد فيه أن يكون للاقتصاديين ورجال الأعمال دور أكبر في تحريك عجلة الاقتصاد، وليس دور الدولة في تحريك الاقتصاد.



الهاشم:المواطن ليس مسؤولاً عن الفشل في توفير الأجور
العالي: ماذا عن تجربة الكويت في هذا الشأن؟
- الهاشم: نوقشت فكرة الضرائب في الكويت منذ أكثر من 30 سنة، ولكن هناك نقطة قد تغيب عن الاقتصاديين، لكنها لا تغيب عن رجال السياسة، وهي أن الضرائب في الخارج لتقديم خدمات أفضل للناس، ولكن في الخليج فإن الحكومات تريد فرض للضريبة لتغطي العجز المالي لديها، لابد من أن تطرح هذه الحكومات سؤالا عما قدمت للمواطن أثناء الوفرة المالية، حتى نأتي الآن وفي زمن التراجع في أسعار النفط لكي نمد أيدينا إلى جيوب المواطنين، ونطلب منهم ليس لتقديم خدمات أفضل، ولكن لسد العجز في الميزانيات وفي الباب الأول للرواتب والأجور. هذه ليست مسؤولية المواطن.
لماذا لم تحسب الحكومات حساب هذه الأيام التي نحن فيها؟ ودائما في الكويت وباقي بلدان الخليج عندما نطالب بنسف مناهج التعليم كان يقال لنا إننا بحاجة إلى قرار سياسي، وعندما نطالب بفرض الضرائب كان يقال هناك قرار سياسي.
وفي إحدى المرات ومنذ 20 عاما تساءلت لدى المسؤولين عن السبب في عدم فرض الضريبة، لكنه أجاب إجابة ذكية وغريبة قائلا: “عندما نطلب من المواطن أن يدفع الضريبة فإننا نعطيه الحق في محاسبتنا، ونحن لا نريد ذلك”.
في البلدان الأخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية والبلدان الأوروبية، فإن دافع الضرائب يمكنه أن يحاسب الدولة على ما يدفعه، في حين أننا لا نريد فرض ضرائب حتى لا يتساءل أين تذهب أموالي. وبالتالي نقول له الآن ليس لك الحق في المحاسبة، فنحن من يدفع وينشئ الطرق، إذا ما أهملنا في صيانتها فليس لك الحق؛ لأنك لم تدفع شيئا في الأساس.
يجب علينا الآن أن نقنع المواطن بأن ما نريده من ضريبة منه هو بهدف تقديم خدمات أفضل له، وأن نُغفل تماما الحديث عن العجز في الرواتب والأجور. لقد تناسينا هذا المواطن عندما كان سعر النفط 140 دولارا للبرميل، والآن تأتي الدولة وتتحدث برغبتها في مد اليد للجيوب لأخذ هذا المال.
إن قناعة الناس بدفع الضريبة يجب أن تأتي عبر مصارحته بأن ذلك سوف يمنحه خدمات أفضل مما قُدم له أثناء الوفرة النفطية.
في الكويت، قرروا قليلا أن يلتفوا إلى موضوع الضريبة ويجمدوا أسعار السلع التموينية والغذائية مقابل رفع أسعار الكهرباء والماء. وهذا لاقى رفضا شديدا من الشارع الكويتي.
لابد من التعريف بالضريبة، ولماذا تؤخذ لكي نقنع المواطن أنها من أجله، وليست من أجل تسديد ميزانيات الدول.




غدًا
العالي: برنامج الحكومة 2015 - 2016 لم يتناول الضرائب
الربيعي: فرض الضرائب واقع لا يمكن لدول الخليج تجنبه
شمسه: سلبيات الضريبة المضافة أكثر من إيجابياتها

http://www.albiladpress.com/article330414-1.htm