العمالة «السائبة» تفتح قلبها لـ «الوسط»: بحرين مافي شغل...معاش «كمتي»... كفيل نصاب... كستمر بحريني واجد مشكل
العمالة «السائبة» تفتح قلبها لـ «الوسط»: بحرين مافي شغل...معاش «كمتي»... كفيل نصاب... كستمر بحريني واجد مشكل
في العاصمة المنامة وعلى شارع الشيخ حمد يصطف كل صباح مئات الآسيويين من العمالة السائبة (غير النظامية) ينتظرون أية سيارة تخفف سرعتها أو يلتفت لهم سائقها ليتسابقوا له ويحيطون بسيارته يساومونه على سعر ساعة العمل من أجل نيل فرصة يكسبون منها قوت يومهم مهما كان نوع العمل فهم كما يصفون أنفسهم «سب معلوم» أي يعرفون كل شيء.
وخلاف ما هو متوقع فلم يهرب أحد منهم من عدسة الكاميرا ولا من أسئلة الصحافي، فتقدموا وتحدثوا لـ «الوسط» بكل جرأة وثقة وحزن. فكان عنوانهم الأبرز أن «بحرين مافي شغل» و «معاش كمتي» و«كفيل نصاب» وفي النهاية «كستمر بحريني واجد مشكل» وذلك في إشارة إلى أنهم يعانون من قلة العمل، بالإضافة لقلة الرواتب سواء بالعمل السائب أو النظامي وأيضاً من جشع كفلائهم وأخيراً ما يعانونه من سوء تعامل زبائنهم البحرينيين معهم.
هؤلاء الآسيويون وعلى رغم عدم قانونية وضعهم إلا أن لهم أسبابهم التي يجدونها تبرر ما يفعلونه، وخلف كل واحد منهم توجد قصة وآلام ومآسٍ. فمنهم الهارب من كفيله نتيجة قلة راتب أو سوء معاملة، ومنهم من تم تسريحه للعمل السائب بعد إغلاق الشركة التي يعمل بها، ومنهم من أتى إلى البحرين بهذا المسمى أو أتى للعمل في شركة ليتفاجأ بأنه تعرض للغش وعليه العمل بطريقة غير قانونية وغير ذلك من الأوضاع التي قادتهم للعمل السائب.
وقاس أحمد: أغلقت المؤسسة التي
أعمل بها فسرحت كعمالة سائبة
كان وقاس أحمد يعمل في مؤسسة بشكل طبيعي، ولما تراجعت أعمالها واضطرت للتوقف أخبرهم مالكها أن يبحثوا عن عمل آخر، وحين يحتاجهم سيتواصل معهم. وهنا أحمد وزملاؤه أنفسهم وقد أصبحوا عمالة سائبة. يقول إن هذا العمل جداً متعب ولا يحصل منه ربحاً وفيراً لأنه لا يجد عملاً كل يوم وهو حالياً في ورطة حقيقية ذلك لأنه يعيل ثمانية من أفراد عائلته في باكستان ويجب أن يرسل لهم شهرياً ما لا يقل عن 80 ديناراً، مبيناً «لازم يودي فلوس باكستان، إذا ما في يودي نفر مناك كيف يقدر ياكل ويدفع أجار بيت».
عاصم زياه: أربعة شهور في الشركة
بلا راتب قادتني للعمل السائب
لم يتوقع الشاب الباكستاني عاصم زياه أنه سيكون يوماً ممن يجلسون في الشارع ويشار إليهم على أنهم عمالة سائبة. لكن أربعة شهور بلا راتب في الشركة التي يعمل بها جعلته في حال غير متوقع. فلدى زياه ورقة رسمية تفيد بأنه يطالب الشركة التي كان يعمل معها بمبلغ رواتبه التي لم يحصل عليها. ولذلك توقف عن العمل معهم، وهو حالياً بلا عمل قانوني يوفر منه احتياجاته واحتياجات عائلته في باكستان. لذلك لم يجد سوى العمل بهذه الطريقة التي فرضت عليه ولم يخترها. ولم يملك زياه ما يعبر به عن حاله سوى قول: «أحنا نفر مسكين، يجي مني يبي يشتغل، يبي معاش زين، ما يبي يقعد في الشارع كل يوم يحارس كستمر يوم يجي ويوم ما يجي» وذلك في إشارة لقلة الزبائن إذ يوضح «يمكن كل يوم يجي هني 150 عامل. بس 70 يحصل شغل وباقي نفر يرجع بيت. بحريني مافي شغل».
يأتون بهم وهم محملون بأمل العمل في الشركات ليجدوا أنفسهم عمالاً سائبين
العمالة السائبة، ولأي سبب دفعها لهذا التوجه، هي لا تجد في عملها هذا عملاً مثالياً. فهم بحسب ما قال العامل البنغالي محمد جميل: «يجي بحرين يبي شغل أجا، ويبي معاش أجا». فهم لا يفضلون العمل بالكيفية التي يعملون بها حالياً وكأنهم يتسولون الزبائن في الشوارع. هم كما يؤكد جميل، يفضلون العمل مع شركات قانونية وبنوبات ثابتة وراتب شهري ما بين 150 و180 ديناراً ولو يتحقق ذلك لكل عامل سائب فلن تجد أحداً منهم على شارع الشيخ حمد.
ويوضح جميل أن الكثير منهم يأتي البحرين موقعاً على عقد للعمل في شركة ليتفاجأ بأنه تم النصب عليه وقد أخذت منه بطاقته وجوازه ويعطى نسخة منهما ومن ثم يرسل للشارع ليصبح من العمال السائبين، وعليه تقبل الأمر. وما يزيدهم قهراً بحسب جميل أنه «لازم كل سنة أو اثنين سنة يجيب 1200 دينار حق كفيل وإذا ما يعطي يكنسل فيزا».
الكفيل وعمليات النصب
على العمال السائبين
قبل مجيء العامل البنغالي محمد قاسم للبحرين أخبروه أولاً بضرورة دفع مبلغ يساوي 400 دينار بحريني يذهب للكفيل، وأنه بعد نزوله البحرين عليه دفع مبلغ آخر يقدر بـ 1400 دينار. وعلى رغم أن مبلغ تجديد تأشيرة العمل بعد سنتين يقدر بـ 344 ديناراً إلا أن قاسم يقول: «كفيل نصاب، كل ثنين سنة يبي 1200 دينار. إذا ما يعطي يقول بيسوي كنسل. هذي واجد مشكل».
ولا يقف «جشع الكفيل» إلى هذا الحد بحسب روايات العمال، فمنير محمد يؤكد أن لديه أكثر من صديق سلم كفيله مبلغ تجديد التأشيرة لكنه بدلاً من التجديد لهم يقوم بإلغاء التأشيرة والتبليغ عن هروبهم. ويروي محمد أيضاً قصصاً أخرى عن أصدقاء سافروا لبلدانهم بعد تجديد تأشيرة عملهم لمدة سنتين، وبعد قضاء أربع شهور عادوا ليتفاجأوا أن تصريح عملهم تم إلغاؤه ليعيدوهم من حيث أتوا.
هربا من الشركة لأن الراتب لا يكفي
كان الباكستانيان أنور خان ومحمد أفتاب يعملان في شركة لكنهما هربا منها والسبب بحسب قولهما «معاش كمتي». فالراتب الذي يتقاضيانه لا يصل إلى 100 دينار مع الأوقات الإضافية وهذا المبلغ بالنسبة لهما «ما يكفي إيجار، ما يكفي أكل وسيجارة وتلفون. ما يبقي شي يقدر يودي حق بيت في باكستان».
هما يقولان إن الحياة في البحرين أصبحت مكلفة والراتب لا يكفي، فهربا بحثاً عن مدخول أوفر ليستطيعا توفير احتياجاتهما ويوفران منه مبلغاً يرسلانه لعائلاتهما. ويتفق معهما محمد عمران؛ مضيفاً أن ما يحصلون عليه من مبالغ «يروح للكفيل والإيجار والبيت في باكستان والإيجار هني والأكل» وما يريد إيصاله عمران أن ما يجنونه لا يستمتعون به بل يذهب لالتزامات لا يمكنهم التنصل منها.
كستمر بحريني واجد مشكل
يضرب وما يعطي فلوس
يستمر العمال في سرد ما يعانونه وهذه المرة عن بعض زبائنهم من البحرينيين، فقال زهير إنهم يعانون كثيراً من بعض الزبائن البحرينيين، فبالإضافة لما يتعرضون له - بحسب قولهم - من ضرب وسوء معاملة فإن بعض الزبائن وبعد الانتهاء من العمل يرفضون إعطاءهم مقابل عملهم ويطردونهم، ويبين زهير أن أكثر جملة يسمعونها هي «يبي بيزات، روح شرطة». ويبين أن بعض هؤلاء الزبائن وبعد الانتهاء من العمل يتعمد إظهار العيوب فيه، فإن كان الاتفاق على 100 دينار يعطيهم فقط 50 فيأخذونها مرغمين. وغير ذلك من المواقف كأن يتم أخذهم لموقع عمل بعيدة، وبعد انتهائهم لا تتم أعادتهم لمسكنهم بحسب الاتفاق، فيضطرون للعودة مشياً على الأقدام.
http://www.alwasatnews.com/