مواءمة القانون الوطني مع الاتفاقيات الدولية خطوة حضارية مهمة.. د. فرحان:
عمال البحرين الإثنين ١٥ أغسطس ٢٠١٦

مواءمة القانون الوطني مع الاتفاقيات الدولية خطوة حضارية مهمة.. د. فرحان:

 

مواءمة القانون الوطني مع الاتفاقيات الدولية خطوة حضارية مهمة.. د. فرحان:

الحكومة البحرينية مسؤولة عن التصدي للانتهاكات الواقعة في المؤسسات التجارية

قال المستشار القانوني والاستاذ الجامعي في مجال حقوق الإنسان د. أحمد فرحان إن مواءمة استرشادات حقوق الإنسان والعمل التجاري في القانون الوطني يعد خطوة حضارية تضيف للدولة التزامات جديدة، بالإضافة للالتزامات الأخرى، مؤكدًا أن المؤسسات التجارية سواء كانت مملوكة لحكومة البحرين أو لديها شركة فيها، أو أنها خاصة وطنية أو أجنبية، فإن أي انتهاك يقع فيها يحتم على الحكومة أن تتدخل لتحصيل حقوق وتعويضات للمتضررين من العاملين أو المواطنين.

وقال فرحان في ندوة عقدت بجمعية التجمع الوطني الدستور «جود» تحت عنوان «الأعمال التجارية وحقوق الإنسان» إن المقررين الخاصين في الأمم المتحدة سلكوا منعطفًا جديدًا في العام 2005، حيث بحثوا في ملف الانتهاكات، وتساءلوا أن الانتهاكات هل تصدر من الدولة اتجاه الفرد فقط أم أن هناك جهة أخرى توقع انتهاكات جسيمة، مؤكداً على أن فكرة البحث عن مصادر أخرى للانتهاك قوبلت بمعارضة شديدة لكونه سيضع جسما آخر بقبال الدولة، كما أن البعض سجل تحفظه لكون البحث في هذا الأمر سيشوه الطابع التقليدي للقانون الدولي، وهو خضوع الدولة لذلك القانون
.


وأضاف «المقررون الخاصون أصروا على أن هناك انتهاكًا يقع من قبل طرف غير دولة، ولا يقل في جسامته عن الانتهاك الواقع من الدولة، والذي يتمثل في المؤسسات التجارية، فأي جسم غريب آخر غير الدولة يمارس العمل التجاري قد يمارس الانتهاك».
وذكر أن بعض الدول كأمريكا تضمن في قوانينها العلاقة بين حقوق الإنسان والأعمال التجارية، فهي تضع شروطًا فاسخة تصل لإيقاف المساعدات، أو تعطيل صفقة ما في حال ثبت وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، لكونها ضمنت الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان والعمل التجاري في نظامها الداخلي.


وأوضح أن شركة لو جاءت للبحرين من أجل القيام بمشروع تجاري معين يمتد لسنوات، فيتحتم على حكومة البحرين ما دام العمل على أراضيها أن تتدخل لوقف أي انتهاك يقع على العامل الأجنبي في الشركة، فضلاً عن التكليف الذي يقع على عاتقها بضرورة التأكد من أنهم يحظون بحقوقهم الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان، إلى جانب ضرورة وجود تدابير واضحة اتجاه الشركة التي تمارس العمل التجاري وتنتهك حقوق الإنسان اتجاه العاملين فيها.
ولفت إلى أن مواجهة الانتهاكات في العمل التجاري يحول الدولة من موقعها التقليدي الذي تنتهك حقوق الفرد، إلى دورها المدافع عن الانتهاكات الصادرة من المؤسسات التجارية والواقعة على العاملين فيها أو المتضررين من أعمالها.
وحول الأدوات التي يمكن للدول أن تجبر فيها الشركات أو المؤسسات للالتزام بضوابط حقوق الإنسان، قال فرحان: «مجلس حقوق الإنسان في عام 2011 وضع عشرة معايير دولية، تسترشد بهم الدول، حيث تعطي تصورًا لمسؤولية الدولة اتجاه الشركة، ومسؤولية الشركة اتجاه الفرد، وما هي طبيعة الأدوات القانونية التي يمكن اتخاذها في حال وقع الانتهاك».


وذكر أن القانون الدولي يرى أنه ينطبق في مجال حقوق الإنسان على الشركة ما ينطبق على الدولة، فحين تكون الدولة ملتزمة بمعايير منع التمييز ضد المرأة، فإن أي انتهاك يحصل داخل الشركة في هذا المجال يجب أن توقفه، مؤكدًا أن العلاقة بين الشركة والعامل يتمثل في عقد العمل، وجميع الاتفاقيات التي وقعت عليها الدولة ضمن معايير منظمة العمل الدولية يجب الأخذ بها.
وأوضح «لا يصح أن تقول حكومة البحرين إنها ستطبق المعايير الاسترشادية في أي عقد مع الشركة، وأثناء التوقيع على العقد لا تذكر تلك المعايير كاشتراطات لازمة، فلابد من الإفصاح بشكل صريح وكتابي، بضرورة أن تلتزم الشركة بهذه المعايير والأدوات القانونية أثناء تعاملها مع حكومة البحرين، إلى جانب تحديد الجزاءات في حال تم انتهاك حقوق الإنسان، وتحديد جهة الانتصاف في حال وجود أي ملاحظات مخلة للعقد».


ولفت إلى أن مسؤولية الشركة التجارية حين تفصح حكومة البحرين عن الضوابط الواجب مراعاتها في مجال حقوق الإنسان، أن يكون ردها واضحاً وصريحاً بالموافقة من عدمها.
ودعا فرحان إلى ضرورة تضمين هذه المبادئ في الممارسات الحكومية في البحرين، قائلاً: «نحن مطالبون بنشر ثقافة حقوق الإنسان في الأجهزة الحكومية وخصوصًا في السلطة القصائية، فقد لا يقع الانتهاك ضمن قانون وطني، ولكن قد تكون هناك انتهاكات حصلت ضمن اتفاقية ملزمة قد وقعت وانضمت إليها مملكة البحرين».


وتابع: «في الدول الغربية كفرنسا وغيرها حين يوقعون على اتفاقية ما يقومون مباشرة بتعديل الدستور وجعله يتواءم مع الاتفاقية، وحكومة البحرين قد قبلت بالمبادئ الاسترشادية في مجال حقوق الإنسان والأعمال التجارية ومن ضمن مسؤولياتها مراقبة هذه الانتهاكات، فهل لدينا قضاء مستعد لتطبيق هذه الالتفاقيات، فضلا عن الأجهزة الحكومية الأخرى؟».
وفي الحديث عن المجال العام لحقوق الإنسان قال فرحان «حقوق الإنسان تمثل علاقة الدولة بالفرد، سواء مقيم أو مواطن، ويكون الفرد فيها هو ضحية الانتهاك والحلقة الأضعف، لذا فإنه يخضع لحماية من بلده أو من بلاد الغير على قدم المساواة مع الجميع الأفراد».


وأضاف «الدولة هي المعنية بالارتقاء بمفهوم حقوق الإنسان وليس الفرد، لا يمكن أن تسمح القوانين الدولية لأي دولة كانت أن تقول إن الأفراد لديها مشاكسون وعليه لابد أن ننتهك حقوق الإنسان، هذا كلام غير مقبول، فعلاقة الدولة مع الأفراد، كعلاقة رب الأسرة بأفراد الأسرة، فمهما تمرد فرد ما في الأسرة، فمن واجب رب الاسرة الحفاظ على نسيجها، وإعادة من تمرد على القوانين الى حضن الأسرة مجددًا».
وأشار إلى أن الدولة تطور عملها في التعاطي مع الفرد مقارنة بثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، حيث كان يطلق على الدول التي تؤمن بالقبضة الأمنية على حساب الممارسات الديمقراطية أنها دول بوليسية، حيث تمارس سياسة الجبر والفرض، ومساحة المعارضة فيها وإبداء الرأي محدودة، مشيرا إلى أنه وبعد الحرب العالمية الثانية وظهور الأمم المتحدة، ظهرت على السطح مفاهيم حقوق الإنسان، وضرورة أن تقوم الدولة بالحفاظ على السلم الدولي، ولا تهدد دولة سلامة وأمن دولة أخرى، وعلى الدولة أن تحترم حقوق الإنسان داخليًا.


وأشار إلى أنه لا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان في جو غير ديمقراطي، فالجانب السياسي لابد أن يرتقي ويتمتع بالطابع الديمقراطي، وأن تكون هناك مطالبات بالحقوق من خلال مؤسسات دستورية قائمة.
وبيّن أن التحولات التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية، أن الدولة بدل أن تبطش أصبحت مسؤولة عن الحفاظ على الامن والسلم الأهلي، ومسؤولة عن حماية حقوق وحرية الأفراد، فلا يصح حماية الأمن والسلم الأهلي وانتهاك حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن دائرة الدولة في مجال حقوق الإنسان اتسعت، لتنتقل من دعم واحترام وتوفير الحقوق الأساسية، إلى دعم التنمية والبيئة، حيث باتت الدول تتعاطى مع مشكلاتها بحرفية عالية، مشيرا إلى أن البحرين وبعد أحداث 2011 دفعت وزاراتها التي تتعاطى مع الجمهور لتغيير فلسفتها، وثقفت العاملين فيها ودربتهم على التعاطي وفقًا لمجالات حقوق الإنسان، لتبقى الدولة قادرة في الحفاظ على الامن والاستقرار، وقادرة على التعاطي مع التحديات السياسية والمدنية والحقوقية.


وبيّن أن الحديث عن حقوق الإنسان يتصل بشكل أساسي بالكرامة الإنسانية التي تعد العمود الفقري لكل مبادئ حقوق الإنسان، وأن اي انتهاك للكرامة يتمثل في مصادرة حق أو انتقاص حق، لذا تعمل الأمم المتحدة ضمن معاييرها للمحافظة والتأكيد على كرامة الإنسان.
وأكد فرحان أن الأطروحات العلمية ومجالات البحوث تفتقر لوجود إرث بحثي يمكن الاعتداد به في مجال حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية.

http://www.alayam.com/alayam/Parliament/596697/Index.html