«رفع رسوم الخدمات».. الجزء الناقص
عمال البحرين الثلاثاء ١٦ أغسطس ٢٠١٦

«رفع رسوم الخدمات».. الجزء الناقص

 

«رفع رسوم الخدمات».. الجزء الناقص


حينما يصدر خبر رسمي قوامه (400 كلمة) وعنوانه «رفع رسوم الخدمات» فإن كل الأسطر والديباجة، والفقرات والأهداف، في الخبر الرسمي تطيش في الهواء، من دون أن يتوقف عندها المواطن، ولكنه يتوقف فقط عند الكلمات الثلاث: «رفع رسوم الخدمات».
حينما يصدر بيان نيابي قوامه (300 كلمة) من ممثل الشعب النائب «أسامة الخاجة» يطالب فيه بمزيد من التوضيحات حيال البيان الرسمي عن «إخضاع رسوم عدد من الخدمات الحكومية المقدمة إلى الأفراد والشركات عن طريق مراجعة مدى مواءمتها مبدأ استرداد وتحصيل الكلفة الحقيقة، وذلك بهدف رفع وتحسين مستوى تقديم الخدمات بالسرعة والكفاءة المطلوبة»، فإننا أمام حلقة مفقودة تركت هكذا، من دون رد ولا توضيح ولا تعقيب ولا تفاصيل.
الأمر الذي يشعل ويشغل الرأي العام حول موضوع «رفع رسوم الخدمات»، لتزداد معه الشائعات والتكهناتحول الخدمات المراد رفع رسومها، والمقصودة في الخبر الرسمي، وبالتالي تفتح «ثغرة مجانية» لحديث الناس عن تخوفاتهم وهواجسهم، ولترتفع بشكل تلقائي ثقافة «التحلطم والتحندي والاستياء»، على الرغم من أنه كان بالإمكان توضيح الخدمات التي سيتم رفع رسومها للأفراد والشركات، بدلا من ترك الأمر للتسريبات والتوقعات، وتداعيات ذلك على الجميع.
الدولة لديها توجه حميد وإيجابي نحو تنفيذ «مبادرات خفض النفقات وتقليل المصروفات وزيادة الإيرادات».. وتسعى مشكورة في الوقت نفسه إلى رفع مستويات جودة وكفاءة الخدمات الحكومية، ولدى الحكومة الموقرة اللجنة التنسيقية، وقامت بتشكيل ستة فرق عمل لدراسة سبل خفض النفقات المتكررة، كما أن لديها برنامجا ومشاريع عمل تسعى إلى زيادة الإنتاجية وتلبية الاحتياجات والمتطلبات، والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات للمواطن وخدمات أساسية مكفولة دستوريا، كما جاء في «الخبر الرسمي».
وكل تلك التوجهات والمبادرات مطلوبة ومفهومة، من أجل مستقبل الوطن والوضع المالي، ولا جدال ولا خلاف في الصلاحية الدستورية للحكومة والوزارات في رفع الرسوم، باعتبارها من أسس وصلاحيات السلطة التنفيذية التي لا تنازعها فيها أي سلطة، ولكن تلك التوجهات الكريمة والمبادرات الإيجابية في حاجة إلى تقديم وعرض وطرح مناسب يتواءم مع إيجابياتها وغاياتها، لا أن تترك هكذا ليضع الرأي العام أمامها -من تلقاء نفسه- كل الهواجس والسلبيات والتشويه.
«مبادرات خفض النفقات وتقليل المصروفات وزيادة الإيرادات» في الوطن نخشى أن تصبح مثل لوحة فنان مبدع ومجتهد، يتم عرضها في الشارع العام، من دون أن يكتب تحتها عبارة توضيحية وشرح مبسط، ويترك التفسير والتحليل للمشاهد والزائر، وكأنه في معرض فن تشكيلي للرسومات «السريالية»، عليه أن يحلل الصورة والرسمة كما يعتقد، ونادرا ما يتوصل المشاهد إلى الغاية والقصد الذي يهدف إليه الرسام والفنان.. ما يعني -وهو ما نخشاه- أن كل غايات وأهداف «مبادرات خفض النفقات وتقليل المصروفات وزيادة الإيرادات» ستواجه شعبيا بالرفض والتحلطم، لعدم الدراية التامة، ولغياب المعلومة الكاملة، وفي ذلك جزء ناقص للمبادرة الكريمة وللجهود الوطنية المخلصة.
الموضوع أكبر من خبر «رفع رسوم الخدمات»، فهذا حق للدولة.. ولكن من حق المواطن أن يعرف ما هي تلك الخدمات، وما هو حجم التطوير والتحسين والمزايا التي ستلحق بها، والتي على أساسها وفي ضوئها تم رفع رسومها.. وإلا فإننا ننفذ المشاريع والمبادرات، ونطرح الخطط والبرامج، من دون أن نسارع إلى سد «الثغرات» المجتمعية المعلومة والمتوقعة سلفا.


http://www.akhbar-alkhaleej.com/14025/article/35908.html