هوامش على زيارة وزير العمل
هوامش على زيارة وزير العمل
لا نستطيع حصر عدد اللقاءات بين وزير العمل جميل حميدان من جهة والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدنيّ من الجهة الأخرى. بيد أنّ القاسم المشترك هو أنّ الوزير لا يمل من إطلاق الوعود بحلحلة المعضلات والمصاعب تأتي ويتعرضون لها حين مراجعتهم للوزارة. وآخر زيارات الوزير كانت لمجلس الجمعية الأهلية للتلاحم الوطنيّ بمدينة حمد. المثير للغرابة هو وصفه للبطالة بأنّها من أخطر الآفات على المجتمع والوزارة في سعي دائم لإيجاد فرص عمل وتدريب.. مما سئم منه العاطلون وهو ما دأب وزير العمل على تكراره في كل زيارة أو دعوة يتلقاها في كل مناطق البلاد. يمكن أن نذّكر الوزير حميدان ببعض مما أشار اليه من خدمات الوزارة لتهيئة أجواء التوظيف والالتحاق بالأعمال من خلال معارض التوظيف. ولعل الوزير هو اكثر الناس دراية بحقيقة التوظيف. لقد اكتشف العاطلون أنّ المعارض التي تقام سنوياً وما يرافقها من دعاية اعلامية ليست سوى ألعوبة كبيرة. ومع افتتاح المعارض فإنّ الآلاف من العاطلين يهرعون بحماس منقطع النظير للتسجيل في الوظائف المعروضة بما يتناسب مع تخصصهم. لكنّ المؤسف أنّهم يبقون على رصيف الانتظار اياما وشهوراً دون اتصال او دعوة من الجهات المشاركة - بعضها بالمناسبة من الشركات المرموقة - كما يفترض حتى يدب اليأس في نفوسهم. البعض يراجع الوزارة للوقوف على الأسباب فتكون الصدمة مروعة وغير متوقعة على الاطلاق بل لم تخطر على البال من المسؤول وملخصها “انّ مهمتنا في الوزارة انتهت.. ولا نتحمل أية مسؤولية بعدم الاتصال من اية جهة!” أي أنه ليس هناك توظيف من أي نوع ولا يحزنون. قضية أخرى لا يسأم الوزير حميدان من إعادتها عبر الصحافة المحلية أو المجالس والمتعلقة بمعدل البطالة. والحقيقة باختصار شديد تكمن في أنّ العاطلين عند مراجعتهم الوزارة تعرض عليهم مجموعة من الوظائف وهي لا تتناسب مطلقاً مع مؤهلاتهم. انّهم امام خيارين لا ثالث لهما امّا رفض ما هو معروض لعدم تناسبه وفي هذه الحالة فإنّ العاطل يُسجل رافضاً للعمل! أو القبول بما هو متاح. ونظرا لما يمر به العطل من ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة فإنهم يضطرون الى قبول المعروض وحينها يُسجل في قائمة من تم توظيفهم. أمّا النهاية فهي محزنة وسوداوية اذ يلجأ هؤلاء الى ترك الوظيفة نتيجة لما يمارسه اصحاب العمل من انتهاك لشروط التوظيف كتمديد الوقت دون أجر أو تكليفهم بأعمال اضافية. كان بين الأسئلة الموجهة للوزير هو أنّ الوزارة وجّهت خريجة جامعية (محاسبة) للعمل في احد محلات الخياطة وآخر حول عقود العمل المؤقتة وسؤال يتعلق بالحد الادنى للرواتب للخريجين الجامعيين ولحاملي الدبلوما والثانوية العامة. والحقيقة أنّ قضية هذه الخريجة ليست الاّ نموذجا واحدا بين العشرات من الحالات المشابهة. ونحمد الله انّ وزير العمل اعترف هذه المرة في لقائه بأهالي مدينة حمد أنّ 40 % ممن يتم توظيفهم لا يعملون في مجالات تخصصهم. ورغم تصريحه بأنّ الوزارة تبذل قصارى جهدها لدراسة واقعية الموضوع الاّ انّ مصير الاغلبية هو المجهول. تبقى الاشارة الى “استعداد المسؤولين بالوزارة لاستقبال المراجعين وحل قضاياهم” وهنا نود أن نلفت النظر الى أنّ العاطلين اثناء مراجعتهم يعانون من سوء المعاملة من قبل موظفي الوزارة. ونتمنى من الوزير التحقيق فيها ذلك انّ العاطل مواطن في الاساس ومن حقه أن يقابل بالاحترام لا الاهانة.
http://www.albiladpress.com/column232-14664.html