الأولوية للإنفاق العام وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي...
الأولوية للإنفاق العام وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي...
“المحاسبين القانونيين”: دول الخليج بحاجة لتكثيف جهودها لتحسين بيئة التمويل
دبي - ICAEW: أفاد تقرير جديد نشره معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW، أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى تكثيف جهودها من أجل تحسين بيئة التمويل فيها.
ويُحذّر المعهد المتخصص في مهنة المحاسبة والتمويل أن الوصول إلى التمويل سيكون بمثابة حافز رئيس للتنويع الاقتصادي في أنحاء المنطقة، وهناك حاجة بالغة له في ضوء التحوّل الجذري الذي تشهده أسواق النفط العالمية.
وبيّن تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الثالث 2016، والذي تم إعداده من قبل “أكسفورد إيكونوميكس” - شريك المعهد أنه بينما يؤثر انخفاض أسعار النفط على الدور الذي تلعبه الحكومات كمحرّك مباشر وغير مباشر للاستثمارات التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن ضمان نفاذ الشركات إلى التمويل يعتبر مسألة مصيرية للغاية.
ويتطلّب هذا وجود سياسة طموحة، بما في ذلك إعطاء الأولوية للإنفاق العام، وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي، وتطوير صناعة الخدمات المالية، والانفتاح أكثر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال التقرير إن “المستوى الطبيعي” لأسعار النفط جعل من دوافع التنويع مسألة عاجلة، ولكن أكثر صعوبة أيضاً بسبب الأوضاع المالية المتشددة في أنحاء المنطقة.
ويسرد التقرير ثلاثة مسارات محدّدة ذات صلة بهذا السياق، أهمها أن تراجع الإيرادات النفطية يعني أن الحكومات لديها مخصصات مالية أقل لدعم الاستثمارات وتمويل المشاريع التنموية.
وتشير التقارير إلى هبوط إجمالي الإنفاق الحكومي بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20 % في المملكة العربية السعودية، والكويت، وسلطنة عُمان، والبحرين بين العامين 2014 و2016، مع فرض المزيد من القيود على النفقات العامة خلال السنوات المقبلة.
ثانياً، تُفضي إيرادات النفط المنخفضة إلى تراجع أرصدة الودائع الحكومية في منظومة المصارف المحلية، وبالتالي نقص السيولة النقدية لإقراض الأفراد والشركات على حد سواء.
وأخيراً، يبقى التحفظ المستمر على الإنفاق أمراً هاماً، خاصة في ظل الأضرار التي تسبّب فيها انخفاض أسعار النفط على الأوضاع المالية العامة والتصنيفات الائتمانية.
ولا تزال أرصدة الديون الحكومية منخفضة قياساً بالمعايير الدولية، ولكن مع عجز إجمالي الناتج المحلي بخانتين عشريتين، ترتفع أرصدة الديون بشكل حاد.
ودفع ذلك بوكالات التصنيف الائتماني إلى تخفيض تصنيفات كل من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والبحرين خلال النصف الأول من العام 2016.
واضطرت المصارف المحلية التي تحتفظ بالديون الحكومية كأصول، لزيادة مخصصات الاحتياطات المالية، والحد من قدرتها على الإقراض.
ويتجلّى الأثر العام لهذه المسارات الثلاثة في أن الإقراض المصرفي، إلى جانب المعروض النقدي العام في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، قد تراجع تدريجياً على مدار السنوات القليلة الماضية، كما بدأ بالتقلّص في بعضها.
ويقول توم روجرز، المستشار الاقتصادي في المعهد ومدير قسم استشارات الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “قد تؤدي بيئة التمويل الأكثر تشدداً إلى جعل الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي تعاني للحصول على التمويل الذي تحتاجه للاستثمار والتوسّع، أو الحصول عليه فعلاً ولكن بأسعار فائدة أعلى، ومع ذلك، هناك طرق من شأنها أن تساهم في التغلب على هذا التحدي، فعلى سبيل المثال، ينبغي للحكومات أن تحاول بل تعطي الأولوية لمجالات السياسات المحفّزة للنمو عند ترشيد نفقاتها العامة، وأن تحسّن من البيئة المواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصادات المحلية، وفي بعض الحالات تحفيز المنافسة في القطاع المصرفي”.
وإذا نجحت الحكومات في جذب معدلات أكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصاد المحلي، فسوف يؤدي ذلك إلى منافع عديدة، مثل النفاذ إلى السيولة الأجنبية، ونقل التكنولوجيا، ودعم ربط أسعار الصرف بالدولار.
ويبيّن التقريرالى أنه من المتوقع أن يرتفع نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية بنحو 0.8 % في 2016، وبنسبة 1.5 % في 2017.
وسيبقى النمو غير النفطي ضعيفاً بسبب استمرار سياسات التقشّف، لكنه سيرتفع بقرابة 1 % في 2016.
ومن شأن رؤية 2030 أن تساعد المملكة على تنويع اقتصادها، وتخفيض العجز المالي في موازنتها. و من المرتقب أن تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً بنسبة 2.3 % في العام 2016، وبنسبة 2.7 % في 2017.
وأشار التقرير إلى أنه في أعقاب تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين من قبل وكالة “ستاندرد آند بورز” في شهر فبراير، خفّضت “موديز” من تصنيفها لدرجة واحدة إلى Baa2 (مع نظرة سلبية) في منتصف شهر مايو.
وفي غضون ذلك، وبالرغم من إزالة مخصصات الدعم، ورفع الرسوم الحكومية، وتقليص النفقات العامة، من المرجح أن يصل عجز الموازنة العامة للحكومة إلى 11 % من إجمالي الناتج المحلي هذه السنة.
ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي 11.7 مليار دينار في 2016، و 11.9 مليار دينار في 2017 (كلاهما بأسعار 2010). كما لا زال الوضع المالي في سلطنة عُمان يشكّل مصدراً للقلق، مع شكوك تدور حول جهوزية عُمان للتصدي لعجزها المالي الكبير. وحتى الآن، تم تمويل العجز تقريباً بإصدار سندات للدين، ومن خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام للدولة، بالإضافة إلى قروض ومنح من دول أخرى. ومع ذلك، تُصبح شروط التمويل أكثر تشدّداً على الصعيد المحلي.
ومن المفترض أن تقلل السندات السيادية الأخيرة بالدولار من مخاطر مزاحمة القطاع الخاص، لكن على حساب ارتفاع الدين العام.
ومن المتوقع أن يتراجع نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 2 % في 2016، وإلى 2.1 % في 2017.
من المنتظر أن تظل قطر الدولة الأسرع نمواً في منطقة الخليج العربي. وستستفيد معدلات الإنتاج للنفط والغاز من زيادة الطاقة الإنتاجية لخط الأنابيب في حقل برزان للغاز، ومن محطة التكرير الجديدة “راس لفان 2” في 2017.
ولكن، سيُقابل ذلك وعلى نطاق واسع تباطؤ النمو في القطاع غير النفطي، مما ينعكس على نمو إجمالي الناتج المحلي الذي من المتوقع أن يبلغ 3.5 % في 2016، و 3.7 % في 2017.
وتسير الكويت على خطى الدول الأخرى في منطقة مجلس التعاون الخليجي، حيث تطرق أسواق الدين الدولية بهدف سد العجز في موازنتها العامة. وعلى الرغم من تعهّد الحكومة بالاستمرار في تقليص الإنفاق الكلي، ورفع الإيرادات غير النفطية، إلا أنها مازالت تُعطي أولوية للاستثمار، تماماً كما ورد في الخطة التنموية 2015-2020.
ونتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2 % في العام 2016، وارتفاعه إلى 2.2 % في 2017.
http://www.albiladpress.com/