المرأة في العمل إلى أين؟
عمال البحرين السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤

المرأة في العمل إلى أين؟

المرأة في العمل إلى أين؟

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تبدأ منظمة العمل الدولية تقييم التقدم المحرز، وما الذي ينبغي القيام به لتحقيق المساواة بين الجنسين في مكان العمل. نتابع امرأتين، الرئيسة التنفيذية لشركة في الهند ومعلمة مدرسة في الولايات المتحدة، ونسلط الضوء من خلال تجاربهن على التحديات المشتركة التي تواجه النساء في جميع أنحاء العالم.عندما أُنشئت منظّمة العمل الدوليّة في العام 1919 لم تكن معظم النساء في العالم يملكن حق التصويت، وكانت غالبية العاملات يتمتعن بصوت جماعي ضئيل أو معدوم في مناصرة حقوقهن في مكان العمل. وبعد قرن من الزمان تقريباً، زادت مشاركة المرأة في سوق العمل زيادة عظيمة، مع إحراز تقدم في حقوقهن في العمل. ولكن لا تزال الملايين منهن تواجهن عقبات كبيرة في الحصول على فرص متكافئة ومعاملة متساوية في وظائفهن.ويقول المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر “مازالت هناك فجوات معندة في المساواة بين الجنسين في مكان العمل.
 
 ينبغي تقييم فعالية السياسات القائمة؛ حتى نتمكن من تجديد الإستراتيجيات واتخاذ إجراءات ملموسة تحسن حياة المرأة العاملة”.تُعتبر فينيتا بالي مثالاً عن نسوة تمكن بنجاح من تكسر السقف الزجاجي الذي يحد من وصول المرأة إلى أعلى مناصب صنع القرار، إذ أصبحت عضواً منتدباً في شركة بريتانيا إنداستريز في الهند. وتقول فينيتا “لقد كنت محظوظة بما فيه الكفاية لأحظى بأب نهضوي وفي الواقع والدين نهضويين منحاني حرية القيام بما أريده. وأود القول بأنكِ يجب أن تثقي بنفسك. يجب أن تكوني واثقة فلا يثني عزيمتك ما يقوله الآخرون.
 
وإذا مُنحت النساء الفرصة، فسيصبح العالم مكاناً أفضل”. على الرغم من الحالات الناجحة المماثلة لحالة بالي، لا يزال كثير من النساء يواجهن مشكلات في مكان العمل. فعدم وجود حماية للأمومة على سبيل المثال هو أحد التحديات التي تواجهها ملايين العاملات رغم اعتماد عدة بلدان لاتفاقات منظمة العمل الدولية المتعلقة بهذه القضية. وهذا الأمر يسري على الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.اضطرت ماري هولمز المُدرسة في إحدى ثانويات نيويورك إلى أخذ إجازة أمومة غير مدفوعة الأجر عندما وضعت طفلها الثاني؛ لأنها كانت قد حصلت على جميع إجازاتها المرضية والعادية عندما وضعت طفلها الأول. 
 
وتقول ماري: “لم يحق لي الحصول على إجازة أمومة مدفوعة الأجر، لذلك كان علينا إيجاد طريقة ما تسمح لنا بالعيش على مرتب واحد فقط. أرى أنه من الضروري أن تحصل المرأة العاملة على استحقاقات الأمومة؛ كي لا تصبح ملزمة بالاختيار بين إنجاب الأطفال أو الحصول على عمل عندما تكون بحاجة لتأمين دخل لإعالة أسرتها”.ينبغي أيضاً معالجة قضايا رئيسة أخرى تتعلق بالمرأة في مكان العمل. فبحسب دراسات أجرتها منظمة العمل الدولية، تزداد مشاركة المرأة في سوق العمل، بيد أن حصتها بقيت راكدة على مدى العقدين الماضيين. علاوة على ذلك، لا يزال التمييز بين الجنسين في العمل والفجوة في الأجور بينهما قائمين. والمرأة متواجدة بنسب عالية في الاقتصاد غير المنظم، وفي أعمال مؤقتة وذات أجر متدن، وهي غالباً ما تكون معرضة لتمييز مباشر وغير مباشر وقد وضعت منظمة العمل الدولية منذ إنشائها معايير دولية شكلت نقطة تحول في مجال المساواة بين الجنسين، والإنصاف في الأجور، والتمييز، وتحقيق توازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية، وحماية الأمومة.
 
ومع اقتراب الذكرى المئوية لتأسيس منظمة العمل الدولية، ستطلق مبادرة الذكرى المئوية للمرأة في العمل، والتي تنطوي على تقييم رئيسي للفجوات والتقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين في مكان العمل.وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية “حان الأوان لاستعراض وضع المرأة والمساواة بين الجنسين في عالم العمل”. لقد حدث تقدم ملحوظ في مجال التشريعات الوطنية، حيث أدرجت معظم البلدان مبادئ المساواة وعدم التمييز فيها.
 
واعتمدت عدة حكومات سياسات فعالة لسوق العمل؛ بهدف التصدي للتمييز ضد المرأة. كما أن عدد منظمات أصحاب العمل والعمال التي تنفذ مشاريع بشأن تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة آخذ بالازدياد. وقد تمكنت نساء عدة من النهوض وخرق السقف الزجاجي.

ولكن لا تزال هنالك فجوات معنِّدة وغالباً عميقة. وبحسب تقريرٍ لمنظمة العمل الدولية بعنوان “توجهات الاستخدام العالمية للعام 2014”، كان التقدم المحرز في زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل متفاوتاً. فمن المتوقع أن تقل مكاسب المرأة من الانتعاش الخجول المتوقع في الدول المتقدمة على المدى المتوسط، إذ ستتراجع معدلات البطالة في صفوف النساء تدريجياً إلى 8.2 % في العام 2018، وكذلك الأمر في صفوف الرجال إلى 7.6 %. وبالكاد وصلت معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل في العام 2013 إلى 25 % في شمال إفريقيا وإلى 20 % في الشرق الأوسط. ولا يزال التمييز بين الجنسين في العمل والفجوة في الأجور بينهما قائمين. فالمرأة متواجدة بنسب عالية في الاقتصاد غير المنظم، وفي أعمال مؤقتة وذات أجر متدن. فعلى سبيل المثال، كانت نسبة الاستخدام الهش في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ في العام 2013 أعلى في صفوف المرأة (63.1 %) منها في صفوف الرجل (56 %). وتبقى حصة المرأة في مناصب صنع القرار في الاقتصاد المنظم منخفضة رغم ما تتمتع به من مهارات كثيرة.
 

كما أن خدمات مساعدة المرأة والرجل في تحقيق توازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية، لاسيما الرعاية الجيدة للطفل التي تمولها الدولة، غير متوفرة أو لا يمكن لكثيرين الحصول عليها. ومازالت هذه الرعاية تقع في الغالب على عاتق الفتيات والنساء. علاوة على ذلك، تفتقر الغالبية العظمى من النساء إلى الرعاية الصحية الجيدة للأم والطفل وغيرها من تدابير حماية الأمومة، ما يعوق دورهن الإنجابي بشكل كبير. وغالباً ما تختلف المخاطر والفرص أمام المرأة تبعاً للونها، ودينها، وأصلها الاجتماعي، ومستوى مهاراتها. ولا تشكل النساء مجموعة متجانسة. وبالتالي، فمن الضروري النظر أيضاً في كيفية إصابة مختلف المجموعات للنجاح في سوق العمل، وفي كيفية نجاحها ونجاح المرأة عموماً مقارنة بنظرائهن من الرجال.وغالباً ما تكون حقوق الفتيات والنساء في مرتبة أدنى، ويُقلَّل من شأن مساهماتهن الاقتصادية والاجتماعية، كما تُعتبر أحياناً عدم المساواة بينهن وبين الرجال راسخة.ومما لا يثير الدهشة هو أن عملهن ببساطة غير منظور من الناحية المادية كما هو الحال مثلاً مع العاملات المنزليات اللواتي يعملن من وراء أبواب مغلقة.
 
وهن أيضاً مغيبات في قواعد البيانات ما يطيل أمد عدم المساواة. ومن الضروري منح هذه القضايا الأولوية في ظل اقتصاد عالمي يزداد ترابطه البيني، وأسواق عمل متغيرة بسرعة، وأثر الهجرة، والتحديات أمام عالمية الحقوق والمعايير.وتجدد منظمة العمل الدولية جهودها الرامية إلى إيجاد قاعدة بيانات راسخة تمثل مصدراً مشتركاً لإغناء الإجراءات المستقبلية. ومن خلال معارف سليمة تدعم المناقشات القائمة على الأدلة، يزيد احتمال ترجمة الإعلانات والسياسات الخاصة بالمساواة بين الجنسين إلى تغيير نحو الأفضل في حياة مزيد من النساء العاملات. ونحن ندرك بأن هذا يعني تعزيز الأسرة والمجتمع المحلي وبالتالي الأعمال والاقتصاد.ونحن اليوم نعترف بإسهامات المرأة القيّمة، والتي لا يمكن الاستغناء عنها في عالم العمل.
 
كما نضم جهودنا إلى جهود جميع من يكافح لتحقيق المساواة بين الجنسين. وثمة أيضاً تحد مشترك هو ضمان اتخاذ إجراءات معزِّزة بشكل تبادلي تضمن إحراز تقدم ثابت نحو تحقيق هذا الهدف.

http://www.albiladpress.com/article238218-1.html