أول خطوة على طريق المساواة..
عمال البحرين السبت ٠٩ فبراير ٢٠١٣

أول خطوة على طريق المساواة..

أول خطوة على طريق المساواة..

للكاتب لطفي نصر

 

«من لا يشكر الناس لا يشكر الله».. أجد لزاما عليّ أن أتوجه بالشكر إلى وزير العمل.. أشكره على شيئين كنت أتمنى تحقيقهما إعمالا لمبادئ الحق والعدالة والإنصاف.

أولا: أشكره لاستجابته وتوجيهه إلى إعمال مبادئ الحق والإنصاف والمساواة والتوازن بين الاتحاد الوطني الحر لنقابات عمال البحرين, والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.. وهنا فقط يكون الوزير - كما قال - قد بدأ السير على طريق جعل وزارة العمل على مسافة واحدة من الاتحادين.

أسعدنا كثيرا قرار وزير العمل الذي صدر مؤخرا بإعادة تشكيل لجنة تكريم العمال المجدّين والمتفوقين بمنشآت القطاع الأهلي وجعلها تضم ممثلين للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين والاتحاد الوطني الحر لنقابات عمال البحرين بالتساوي.

نشدّ على يد الوزير ونقول له: هكذا يجب أن يكون تشكيل جميع اللجان والوفود سواء كانت لتمثيل عمال البحرين في الداخل أو في الخارج.. لأننا هنا نكون قد أعملنا مبادئ الحق والإنصاف والتوازن من أجل مصلحة الوطن.

وما بدأته مؤخرا يا سعادة الوزير يجيء أبلغ رد على ذلك العبقري الذي كان قد صرح بأن اختيار أحد الاتحادين ليكون ممثلا شرعيا لعمال البحرين في المؤتمرات والتجمعات الدولية بالخارج سيكون على أساس عدد النقابات والعمال المنضوين تحت لواء كل اتحاد.. فهذا التصريح كان هو والهذيان سواء!

ثانيا: الشيء الثاني الذي أجد لزاما عليّ أن أشكر وزير العمل عليه - مع أن كل ما يقدمه هذا الوزير يلقى الارتياح من الجميع - هو هذا التفسير الأخير الذي قدمته الوزارة لقانون العمل فيما يتعلق بالمادة (58) الخاصة بحق موظفي وعمال القطاع الخاص في الإجازة السنوية. ل

قد حسمت الوزارة الخلاف حول تفسير هذه المادة من خلال النص على حق العامل أو الموظف في إجازة سنوية قوامها (30 يوم عمل).. أي 30 يوما «مُشفّاة» وليست «بالعظم» كما كان يجري به العمل منذ صدور أول قانون عمال في البحرين عام 1957.

هذه هي العدالة الحقيقية.. وهذا هو التفسير الذي يتفق وصحيح القانون.. حيث كانت التفسيرات السابقة لا تنطق إلا بالخضوع المذلّ والمهين لسطوة بعض أصحاب العمل ورغبتهم الجامحة في استغلال العامل وامتصاص دمه.. فكيف تتم محاسبة العامل على أيام له فيها حق الراحة أصلا خلال وجوده في العمل.. لذا يكون من الغبن والعبث معا العودة إلى محاسبته عليها ضمن إجازته السنوية وخلال قيامه بهذه الإجازة. ا

لإجازة السنوية للعامل في الحكومة هي (35) يوم عمل.. وقانونها مطبق منذ سنين طويلة في سلاسة وهدوء من دون أن يحتج أحد أو يماطل في هذا الحق أو ينتقص منه.. وقد راعى معها المشرّع الالتزام بمبادئ العدالة.

الجدير بالذكر أنه مما ساعد وزارة العمل على أن يكون لها هذا التفسير المنصف هو وضوح نصوص قانون العمل الجديد.. ثم إن السياسة التي يمارسها وزير العمل ترتكز أيضا على أن يكون هو ووزارته على مسافة واحدة من كل أطراف الإنتاج.. فالميل إلى طرف من دون الآخر يؤدي إلى إفساد كل شيء.. والشجاعة تتجسد في أروع صورها عندما يؤخذ الحق للطرف الأضعف.. وهكذا كان موقف وزير العمل.. ولذا وجدنا من واجبنا أن نحيّيه ونشكره على أدائه المتميز.

بقيت نقطة واحدة وهي أنني أرى في هذا التفسير نقلة نوعية على طريق توحيد الحقوق والمزايا بين العاملين في الحكومة وأقرانهم العاملين في القطاع الخاص.. فالعامل البحريني في الحالتين هو بالدرجة الأولى مواطن.. والاثنان يعملان.. ومن حقهما الخلود إلى الراحة في كل عام بنفس القدر المتوازي ومن دون أدنى تفرقة.. وحتى انه بعد هذا التفسير العادل والمنصف لقانون العمل فإن العامل في الحكومة بقي مميزا, حيث إن حق العامل في الحكومة (35 يوم عمل).. وحق العامل بالقطاع الخاص (30) يوم عمل فقط.. إلا أنه من شهادة الحق أن العامل بالقطاع الخاص يعاني أكثر, ويعمل أكثر, ويتعب أكثر.. إضافة إلى أن العامل بالحكومة يحصل على يومي راحة في كل أسبوع بعكس الأغلبية العظمى من منشآت وشركات القطاع الأهلي التي لا تزال تعمل ستة أيام في الأسبوع.

كل المزايا الوظيفية ينفرد بها العامل بالحكومة وخاصة من حيث الرواتب الأفضل, فقد أكدت الدراسات الميدانية أن الأغلبية العظمى من عمال الحكومة يحصلون على رواتب أعلى مقارنة بالعاملين في القطاع الخاص.. ولا يتميز في القطاع الخاص غير العاملين في مناصب أعلى أو مرموقة.. لذا جاء هذا التفسير الذي صدر عن وزارة العمل مؤخرا كأول خطوة متميزة على طريق إنصاف العاملين بالقطاع الخاص .