أزمة شركات أم أزمة وزارة؟
أزمة شركات أم أزمة وزارة؟
لم نكن نتوقع يوما أن تصبح لدينا أزمة نظافة، في الوقت الذي أصيحت فيه مناقصات شركات النظافة كبيرة ومؤرقة، لكن ذلك قد حصل، وضج الناس، وقبل ذلك كانت القمامة في الشوارع في محافظتي الشمالية والجنوبية تحديدا بعد انتهاء عقد الشركة السابقة، ودخول الشركة الإسبانية إلى السوق البحريني.
أمس اتخذ مجلس الوزراء الموقر برئاسة سمو رئيس الوزراء -حفظه الله ورعاه- موقفا طيبا من أزمة النظافة، ووعد باتخاذ إجراءات قانونية ضد المتسببين في هذه الأزمة، وهذا أمر طيب يكرس مبدأ المحاسبة، خاصة حين تتعلق المشكلات بالمواطنين وحياتهم ومعيشتهم.
نتمنى أن نسمع في الأيام القادمة عن إجراءات قانونية ضد من تسبب في هذه المشكلة، خاصة أن هناك اتهامات من الشركة الإسبانية للشركة السابقة، والاتهامات تقول إن الشركة السابقة تركت القمامة مدة ثلاثة أيام قبل أن ينتهي عقدها، مما فاقم من المشكلة، وهذه الاتهامات أيضا خرج بها أعضاء بلديون.
لنفرض أن ذلك قد حدث فعلا، وهو أن الشركة السابقة تعمدت أن تعرقل عمل الشركة الجديدة، السؤال هنا: أين وزارة البلديات؟
أليست وزارة البلديات هي الجهة التي تراقب عمل الشركات وتضع اشتراطات من أجل لتوقيع العقود؟
لماذا لم تراقب البلديات تنفيذ العقود؟ ولماذا لم تشرف على الاستلام والتسليم؟
في اعتقادي إن الخلل يكمن هنا، رغم كل تبريرات وزارة البلديات، إلا أن هذه التبريرات لم يتقبلها الشارع، فمثلما نحتاج إلى معرفة حقيقة دور الشركة السابقة، فإنّ الأهم هو أن نضع أيدينا على مواطن التقصير في وزارة البلديات التي أصبحت واضحة للعيان.
في موضوع النظافة وإسناد مهمات النظافة إلى شركات خاصة، فإنّ السؤال الذي يهمنا أن نطرحه هو: كم كانت كلفة النظافة لكل البحرين حين كانت في عهدة الوزارة؟ وكم أصبحت اليوم؟
البحرين بميزان الدول الكبيرة تصبح محافظة واحدة، ولكننا قسمنا البلد إلى محافظات، وجاءت الشركات لتفرض علينا مبالغ كبيرة لنظافة للبحرين كلها على أساس أنها أربع محافظات.
السؤال أيضا، إذا كانت الشركة الإسبانية تعمل في دول مثل شمال إفريقيا وعمان، فكم يدفع لها هناك في مساحة بمساحة البحرين كلها؟
موضوع النظافة شائك وكبير ولا يختزل في موضوع خلل الاستلام والتسليم، وإنما في موضوع آخر أكثر أهمية، وأكبر بكثير من وجود خلل في نظافة مناطق.
القمامة في الدول المتقدمة تصبح مصدرا للطاقة وللصناعات، والقمامة تفتتح مصانع لا مصنعا واحدا، فالأخشاب تذهب إلى مصنع، والبلاستيك إلى مصنع، والأوراق إلى مصنع، والزجاج إلى مصنع، فكل شيء يمكن إعادة تصنيعه في الدول المتقدمة والمجاورة، يتم إعادة تصنيعه مما يدر دخلا على البلاد.
فتصبح القمامة التي تحرق في دول كثيرة، أو تدفن مثلما نفعل، تصبح مصدر للدخل القومي للوطن، بل تصبح القمامة أداة لتدوير الصناعات، وتوظيف الشباب، وتحريك الاقتصاد، وزيادة التصدير، والاكتفاء الذاتي.
نحن للأسف كشعوب ننظر إلى القمامة بشكل سلبي ودوني، مع أن القمامة تخرج من كل بيت، لهذا لا ننظر لها على أنها مصدر للطاقة والكهرباء وإنتاج الغاز، فهناك مشاريع كثيرة سمعنا عنها لم تر النور بعد، لذلك نتمنى أن تأخذوا التجربة الإماراتية القريبة منا على أقل تقدير.
بمعنى آخر، إنّ الشركة الإسبانية بإمكانها أن تجني ملايين الدنانير من قيمة القمامة أكثر مما تحصل عليه من قيمة العقد المبرم مع البحرين بكثير.
أعود إلى موضوع المحاسبة، فإنّ كانت ستشمل فقط الشركة السابقة من دون المسؤولين في البلديات فهذا خلل كبير، وإخلال بمسؤوليات مسؤولي البلديات.
http://www.akhbar-alkhaleej.